صفحة جزء
1646 - مسألة : وللعبد أن يتصدق من مال سيده بما لا يفسد ، واستدركنا في تصدق العبد الخبر الذي قد ذكرناه ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجيب دعوة المملوك } .

وروينا من طريق أحمد بن شعيب نا قتيبة نا حاتم - هو ابن إسماعيل - عن يزيد بن أبي عبيد قال : سمعت عميرا مولى آبي اللحم قال : { أمرني مولاي أن أقدد لحما فجاءني مسكين فأطعمته ، فعلم بذلك مولاي فضربني ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال : لم ضربته ؟ فقال : يطعم طعامي بغير أن آمره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأجر بينكما } .

ومن طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة ، وابن نمير ، وزهير بن حرب كلهم عن حفص بن غياث عن محمد بن زيد عن عمير مولى آبي اللحم قال { كنت مملوكا فسألت [ ص: 127 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم أأتصدق من مال موالي شيئا ؟ قال : نعم ، والأجر بينكما نصفان } قال أبو محمد : لا يخلو مال العبد من أن يكون له كما نقول نحن ، أو يكون لسيده كما يقولون ، فإن كان مال فصدقة المرء من ماله فعل حسن مندوب إليه ، وإن كان لسيده فهذا نص جلي بإباحة الصدقة له منه - فليعضدوا بالجندل .

وقد بينا أن قوله تعالى : { عبدا مملوكا لا يقدر على شيء } ليس بضرورة العقل والحس في كل مملوك ; لأننا نراهم لا يعجزون عن شيء مما يعجز عنه الحر - فصح أنه تعالى إنما عنى بعض العبيد ممن هذه صفته ، كما قال تعالى : { ضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء } وليس كل أبكم كذلك ، فصح أنه تعالى أراد من البكم من هذه صفته - ويلزمهم على هذا أن يسقطوا عنه الصلاة ، والوضوء والغسل ، والصيام ، إذا كان عندهم لا يقدر على شيء .

فإن قالوا : هذه أعمال أبدان .

قلنا : قد تركتم احتجاجكم بظاهر الآية بعد وأتيتم بدعوى في الفرق بين أعمال الأبدان وأعمال الأموال بلا برهان والحج عمل بدن فألزموه إياه . فإن قالوا : قد يجبر بالمال . قلنا فأسقطوا عنه الصوم بهذا الدليل السخيف ; لأنه يجبر بالمال من عتق المكفر وإطعامه - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية