صفحة جزء
1711 - مسألة : ومن مات وترك أختين شقيقتين أو لأب ، أو أكثر من أختين كذلك أيضا ، ولم يترك ولدا ، ولا أخا شقيقا ، ولا لأب ، ولا من يحطهن مما نذكر فلهما ثلثا ما ترك أو لهن - على السواء - .

وكذلك من ترك ابنتين فصاعدا ولم يترك ولدا ذكرا ولا من يحطهن : فلهما أو لهن ثلثا ما ترك أيضا .

برهان ذلك قول الله عز وجل : { إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك } .

ومن طريق أحمد بن شعيب نا إسماعيل بن مسعود الجحدري نا خالد بن الحارث - هو الهجيمي - نا هشام - هو الدستوائي - نا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال : " { اشتكيت وعندي سبع أخوات لي فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنفخ في وجهي فأفقت ، فقلت : يا رسول الله ، ألا أوصي لأخواتي بالثلثين - ثم خرج وتركني ، ثم رجع إلي فقال : إني لا أراك ميتا من وجعك هذا ، وإن الله قد أنزل فبين الذي لأخواتك : فجعل لهن الثلثين - فكان جابر يقول : أنزلت هذه الآية في : { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } } وهذا لا خلاف فيه .

وأما البنتان فلا خلاف في الثلاث فصاعدا ، ولا ولد للميت ذكرا في أن لهن الثلثين [ ص: 267 ] إذا لم يكن هنالك من يحطهن ، وهو قول الله تعالى ، { فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك }

وأما البنتان فقد روي عن ابن عباس أنه ليس لهما إلا النصف كما للواحدة - والمرجوع إليه عند التنازع هو بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم .

كما روينا من طريق مسدد نا بشر بن المفضل نا عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال : { خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جئنا امرأة من الأنصار في الأسواق - وهي جدة خارجة بن زيد بن ثابت - فذكر حديثا وفيه : فجاءت المرأة بابنتين لها فقالت : يا رسول الله هاتان بنتا سعد بن الربيع ، قتل معك يوم أحد وقد استقى عمهما مالهما فلم يدع لهما مالا إلا أخذه ، فما ترى يا رسول الله ؟ فوالله لا ينكحان أبدا إلا ولهما مال ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقضي الله في ذلك ، قال : ونزلت سورة النساء { يوصيكم الله في أولادكم } الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادعوا لي المرأة وصاحبها فقال لعمهما : أعطهما الثلثين وأعط أمهما الثمن ، وما بقي فلك } .

وقد ثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم أعطى الابنة النصف ، وابنة الابن السدس تكملة الثلثين وقد ادعى أصحاب القياس أن الثلثين إنما وجب للبنتين قياسا على الأختين ، قالوا : والبنتان أولى بذلك من الأختين .

قال أبو محمد : وهذا باطل ; لأنه إن كان ذلك لأن البنتين أحق من الأختين فواجب أن يزيدوهما من أجل أنهما أولى وأقرب ، فيخالفوا القرآن ، أو يبطلوا قياسهم .

وأيضا فإنهم - نعني هؤلاء المحتجين بهذا القياس - لا يختلفون في عشر بنات وأخت لأب : أن للأخت الثلث كاملا ، ولكل واحدة من البنات خمس الثلث - فقد أعطوا الأخت الواحدة أكثر مما أعطوا أربع بنات ، فأين قولهم : إن البنات أحق من الأخوات ؟ وهذا منهم تخليط في الدين ، وليست المواريث على قدر التفاضل في القرابة ، إنما هي كما جاءت النصوص فقط .

ولا خلاف فيمن ترك جده أبا أمه ، وابن بنته ، وبنت أخيه ، وابن أخته ، وخاله وخالته ، وعمته وابن عم له لا يلتقي معه إلا إلى عشرين جدا : أن هذا المال كله لهذا [ ص: 268 ] الابن العم البعيد ، ولا شيء لكل من ذكرنا ، وأين قرابته من قرابتهم - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية