صفحة جزء
1719 - مسألة : وإن مات وترك ولدا ذكرا أو أنثى ، أو ولد ولد ذكر كذلك ، أو ترك أبا أو جدا لأب ، وترك أخا لأم ، أو أختا لأم ، أو أخا لأم ، أو إخوة لأم : فلا ميراث لولد الأم أصلا ، فإن لم يترك أحدا ممن ذكرنا : فللأخ للأم السدس فقط ، وللأخت للأم السدس فقط ، فإن كان أختا وأخا لأم : فلهما الثلث بينهما على السواء ، لا يفضل الذكر على الأنثى ، وكذلك إن كانوا جماعة : فالثلث بينهم شرعا سواء ، وكذلك إن وجب لهم السدس في مسألة العول ولا فرق .

برهان ذلك قول الله تعالى : { وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث } . [ ص: 285 ] وهذا قولنا ، وقول أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأبي سليمان ، وغيرهم ، إلا روايتين رويتا عن ابن عباس . إحداهما : أن الإخوة للأم يقسمون الثلث للذكر مثل حظ الأنثيين . والثانية : أن الأخ للأم والأخت للأم يرثان مع الأب . فأما المسألة الأولى : فلا نقول بها ; لأنها خلاف قول الله تعالى : { فهم شركاء في الثلث } ولقد كان يلزم القائلين بالقياس أن يقولوا بهذه القولة قياسا على ميراث الإخوة للأب ، أو الأشقاء ، وبالله لو صح شيء من القياس لكانت هذه المسألة أولى بالصحة من كل ما حكموا فيه بالقياس ، وأين هذا القياس من قياسهم ميراث البنتين على ميراث الأختين ، وسائر تلك المقاييس الفاسدة ؟

وأما المسألة الثانية : فلم تصح عن ابن عباس إلا في السدس الذي حطه الإخوة من ميراث الأم فردوها إلى السدس عن الثلث فقط ، والمشهور عنه خلافها - ولم نقل بها : لأن الله تعالى سمى هذا التوريث " كلالة " فوجب أن تعرف ما " الكلالة " وما أراد الله تعالى بهذه اللفظة ، ولا يجوز أن يخبر عن مراد الله عز وجل إلا بنص ثابت ، أو إجماع متيقن ، وإلا فهو افتراء على الله تعالى . فوجدنا : من يرثه إخوة أو أخوان أو أخ : إما شقيق ، وإما لأب ، وإما لأم - ولا ولد له ولا ابنة ، ولا ولد ابن ذكر - وإن سفل - ولا أب ولا جد لأب - وإن علا - فهو كلالة ، ميراثه كلالة بإجماع مقطوع عليه من كل مسلم .

ووجدنا أن من نقص من هذه الصفات شيء فقد اختلف فيه : أهو كلالة أم لا ؟ فلم يجز أن يقطع على مراد الله تعالى إلا بالإجماع المتيقن الثابت - إذا لم نجد نصا مفسرا - فوجب بهذا أن لا يرث الإخوة كيف كانوا ، إلا حيث يعدم كل من ذكرنا ، إلا أن يوجب ميراث بعضهم نص صحيح فيوقف عنده ، وليس ذلك إلا في موضعين فقط : وهو الأخ الشقيق ، أو للأب مع الابنة فصاعدا ، وأخت مثله معه فصاعدا ، ما لم يستوف البنات [ ص: 286 ] الثلثين . والموضع الثاني : الأخت كذلك مع البنت ، أو البنات حيث لا عاصب للميت فقط - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية