صفحة جزء
1725 - مسألة : ولو ترك أختا شقيقة وإخوة وأخوات للأب ، فللشقيقة : النصف ، وما بقي بين الإخوة والأخوات للأب ، ما لم يتجاوز ما يجب للأخوات السدس ولا يزدن على السدس أصلا ، ويكون الباقي للذكر وحده .

فإن كانتا شقيقتين ، وأختا أو أخوات لأب ، وأخا لأب : فالثلثان للشقيقتين ، والباقي للأخ الذكر ، ولا شيء للأخت للأب ، ولا للأخوات للأب .

روينا من طريق سعيد بن منصور نا أبو شهاب عن الأعمش عن أبي الضحى - هو مسلم بن صبيح - عن مسروق بن الأجدع قال : كان ابن مسعود يقول في أخوات لأب وأم ، وإخوة وأخوات لأب : للأخوات من الأب والأم : الثلثان ، وسائر المال للذكور دون الإناث .

وبه إلى ، سعيد نا أبو معاوية نا الأعمش عن إبراهيم عن مسروق : أنه كان يأخذ بقول عبد الله في أخوات لأب وأم : فجعل ما بقي من الثلثين للذكور دون الإناث ، فخرج إلى المدينة فجاء وهو يرى أن يشرك بينهم ، فقال له علقمة : ما ردك عن قول عبد الله ، ألقيت أحدا هو أثبت في نفسك منه ؟ قال : لا ، ولكن لقيت زيد بن ثابت فوجدته في الراسخين في العلم .

ومن طريق وكيع نا سفيان عن معبد بن خالد عن مسروق عن عبد الله بن مسعود : أنه قال في أختين لأب وأم ، وإخوة وأخوات لأب : إن للتين للأب والأم : الثلثين ، فما [ ص: 288 ] بقي فللذكور دون الإناث - وأن عائشة شركت بينهم ، فجعلت ما بقي بعد الثلثين للذكر مثل حظ الأنثيين .

ومن طريق وكيع عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم النخعي ، قال : قال مسروق رأيت زيد بن ثابت وأهل المدينة يشركون بينهم ، قال الأعمش : وكان ابن مسعود يقول في أخت لأب وأم ، وإخوة لأب : لهذه النصف ، ثم ينظر : فإن كان إذا قاسم بها الذكور أصابها أكثر من السدس لم يزدها على السدس ، وإذا أصابها أقل من السدس : قاسم بها - وكان غيره من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقولون : لهذه النصف ، وما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين .

ومن طريق وكيع نا إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر عن زيد بن ثابت أنه قال فيها : هذا من قضاء أهل الجاهلية : أن يرث الرجال دون النساء .

قال علي : بقول ابن مسعود يقول علقمة ، وأبو ثور ، واختلف فيه على أبي سليمان .

قال أبو محمد : احتج من خالف ابن مسعود بظاهر قول الله تعالى : { وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين }

وبما ذكرنا من أنه قول سائر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأنه من قضاء أهل الجاهلية .

قال علي : ليس قضاء أهل الجاهلية ما أوجبه القرآن ، وقد صح الإجماع على توريث العم ، وابن العم ، وابن الأخ : دون العمة ، وبنت العم ، وبنت الأخ - فهل هذا من قضاء أهل الجاهلية .

وأما قول الأعمش : إن سائر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم على خلاف هذا .

فنقول للمحتج بهذا : هبك صح لك ذلك - وهو لا يصح - عن ستة منهم ، أهذا حجة عندك ; لأنه إجماع أم لماذا ؟ فإن قال : ليس إجماعا ، قلنا له : فما ليس إجماعا ولا نصا : فلا حجة فيه ، وإن كان هو إجماعا ؟ قلنا : فمخالف الإجماع : كافر أو فاسق ، فانظر فيم تدخل ، وبماذا [ ص: 289 ] تصف ابن مسعود ؟ والله إن المعرض به في ذلك لهو المستحق لهاتين الصفتين ، لا ابن مسعود المقطوع له بالجنة ، والعلم ، والدين ، والإيمان .

وأما الآية : فهي حجة عليهم ; لأن الله تعالى إنما قال ذلك فيما يرثه الإخوة والأخوات بالتعصيب ، لا فيما ورثه الأخوات بالفرض المسمى ، والنص قد صح بأن لا يرث الأخوات بالفرض المسمى أكثر من الثلثين .

وقد أجمع المخالفون لنا : على أن من ترك أختا شقيقة ، وعشر أخوات لأب ، وعما أو ابن عم ، أو ابن أخ : فإنه ليس للأخوات للأب إلا السدس فقط ، والباقي لمن ذكرنا .

وأجمعوا على أنه لو ترك أختين شقيقتين ، وعشر أخوات لأب ، وعما أو ابن عم ، أو ابن أخ : أن اللواتي للأب لا يرثن شيئا أصلا ، فمن أين وجب أن يرثن مع الأخ ، ولا يرثن مع العم ، ولا مع ابن العم ، ولا مع ابن الأخ ؟ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { ألحقوا الفرائض بأصحابها ، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر } والفرائض في هذه المسألة إنما هو النصف للشقيقة ، أو الثلثان للشقيقتين ، أو النصف للشقيقة ، والسدس للتي للأب أو اللواتي للأب فقط ، فصح أن الباقي لأولى رجل ذكر ، وهذا مما خالفوا فيه النص والقياس - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية