صفحة جزء
1739 - مسألة : وما أعتقت المرأة ثم ماتت ، ولها بنون وعصبة من إخوة ، أو بني [ ص: 331 ] إخوة - وإن سفلوا - أو أعمام ، أو بني أعمام - وإن بعدوا وسفلوا - : فميراث من أعتقت لعصبتها لا لولدها ، إلا أن يكون ولدها عصبتها ، كأولاد أم الولد من سيدها ، أو يكونوا من بني عمها لا أحد من بني جدها ، ولا من بني أبيها : أقرب إليها منهم .

وقال آخرون : بل الميراث لولدها ، وهذا مكان اختلف الناس فيه - : فروينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي : أن علي بن أبي طالب ، والزبير بن العوام : اختصما إلى عمر في مولى لصفية بنت عبد المطلب ؟ فقضى عمر بالعقل على علي ، وبالميراث للزبير .

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن عبد الله بن رباح عن عبد الله بن معقل عن علي بن أبي طالب قال : الولاء شعبة من النسب ، من أحرز الولاء أحرز الميراث .

ومن طريق الحجاج بن المنهال نا حماد بن زيد نا أيوب السختياني عن محمد بن سيرين أنه كان يقول : أحقهم بالولاء أحقهم بالميراث .

قال علي : الأحق بالولاء هم عصبتها الذين إليهم ينتمي الموالي ، فيقولون : نحن موالي بني أسد إن كانت هي أسدية ، ولا ينتمون إلى بني تميم إن كان ولدها من تميم .

قال أبو محمد : بقول علي هاهنا نقول ، وقال بقول عمر : الشعبي ، وعطاء ، وابن أبي ليلى ، وأبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأصحابهم .

قال أبو محمد : برهان صحة قولنا - : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { مولى القوم منهم } .

وقال عليه الصلاة والسلام : { ما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر } وإذا كانت المرأة من مضر وبنوها من اليمن : فمواليها من مضر ، بلا شك .

ومن المحال أن يكون رجل يماني يرث مضريا بالتعصيب ، بل يرثه الذي هو منهم ، ومن المحال أن يكون رجل يماني أولى برجل مضري . [ ص: 332 ] والعجب أنهم يقولون : إن انقرض ولدها عاد ميراثهم إلى عصبة أمهم من مضر ، لا إلى عصبة أبناء المعتقة ، فهل سمع بأعجب من هذا ؟ وكيف يرثون عن أمهم ولاء لا يرثه عنهم عصبتهم ، إن هذا المحال ظاهر ، وإذا لم يورث عنهم آخرا فمن المحال أن يرثوه هم أولا .

وما نعلم لهم شيئا شغبوا به أكثر من أن قالوا : كما يرثون مال أمهم كذلك يرثون ولاء مولاها الذي لو كانت حية لورثته هي .

قال علي : وهذا باطل ليس من يرث المال يرث الولاء ، وهم لا يختلفون معنا في أن امرأة لو ماتت ولها مال وموال ، وتركت : زوجها ، وأختها ، وبني عمها : فإن جميع ميراثها لزوجها وأختها ، ولا حق لهما في ولاء مواليها ، وأن ولاء مواليها لبني عمها الذين لا يأخذون من مالها شيئا .

وكذلك : امرأة ماتت وتركت : زوجا ، وبنتين ، وأما ، وبني ابن - : فإن المال كله للزوج والبنتين والأم ، ولا يأخذ منه بنو الابن شيئا ، وأن ولاء مواليها عندهم لبني الابن ، ولا يرث منه الذين ورثوا المال شيئا - : فظهر فساد احتجاجهم ، وبطل قولهم ، إذ عري من برهان - وبالله تعالى التوفيق . فإن موهوا بقضاء عمر : فقد قضى عمر في هذه المسألة نفسها بأن عصبة ولدها يرثون ولاء مواليها عن ولدها ، ولا يرثه إخوتها - : فقد خالفوا عمر في ذلك تحكما بالباطل - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية