صفحة جزء
1776 - مسألة : والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على كل مسلم إن قدر بيده فبيده وإن لم يقدر بيده فبلسانه وإن لم يقدر بلسانه فبقلبه ولا بد ، وذلك أضعف الإيمان ، فإن لم يفعل فلا إيمان له .

ومن خاف القتل أو الضرب ، أو ذهاب المال ، فهو عذر يبيح له أن يغير بقلبه فقط ويسكت عن الأمر بالمعروف وعن النهي عن المنكر فقط .

ولا يبيح له ذلك : العون بلسان ، أو بيد على تصويب المنكر أصلا ، لقول الله تعالى : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل } .

وقال عز وجل : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون } .

ومن طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة ، لمحمد بن المثنى ، ومحمد بن العلاء أبو كريب قال ابن أبي شيبة : نا وكيع عن سفيان الثوري ، وقال محمد بن المثنى : نا محمد بن جعفر نا شعبة ، ثم اتفق سفيان ، وشعبة ، كلاهما عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب ، وقال أبو كريب : نا أبو معاوية نا الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه ، ثم اتفق طارق ، ورجاء ، كلاهما : عن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول [ ص: 424 ] الله صلى الله عليه وسلم يقول : " { من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان } .

ومن طريق مسلم نا عمرو الناقد ، وأبو بكر بن النضر ، وعبد بن حميد واللفظ له ، قالوا كلهم : نا يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف نا أبي عن صالح بن كيسان عن الحارث هو ابن الفضيل الخطمي الأنصاري عن جعفر بن عبد الله بن الحكم عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن مسعود حدثه " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : { ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم يحدث من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل } .

نا محمد بن سعيد بن نبات نا أحمد بن عبد الله بن عبد البصير نا قاسم بن أصبغ نا محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد المثنى نا عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان الثوري عن زبيد اليامي عن سعد بن عبيدة عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : { لا طاعة لبشر في معصية الله }

ومن طريق أبي داود نا مسدد نا يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : { السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة } .

وبه إلى أبي داود نا يحيى بن معين نا عبد الصمد بن عبد الوارث نا سليمان بن المغيرة [ ص: 425 ] نا حميد بن هلال عن بشر بن عاصم عن عقبة بن مالك عن رجل من رهطه قال { بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرية فسلحت رجلا منهم سيفا فلما رجع قال : لو رأيت ما لامنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : أعجزتم إذ بعثت رجلا فلم يمض لأمري أن تجعلوا مكانه من يمضي لأمري } " .

قال أبو محمد : عقبة صحيح الصحبة ، والذي روي عنه صاحب - وإن لم يسمه - فالصحابة كلهم عدول ، فإذا ثبتت صحة صحبته فهو عدل مقطوع بعدالته ، لقول الله تعالى : { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار } .

قال علي : [ وهو قول علي ] وكل من معه من الصحابة وأم المؤمنين وطلحة ، والزبير ، وكل من معهم من الصحابة ، ومعاوية ، وكل من معه من الصحابة ، وابن الزبير ، والحسين بن علي - رضي الله عن جميعهم - وكل من قام في الحرة من الصحابة ، والتابعين ، وغيرهم .

وهذا الأحاديث ناسخة للأخبار التي فيها خلاف هذا ; لأن تلك موافقة لما كان عليه الدين قبل الأمر بالقتال ، ولأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باق مفترض لم ينسخ ، فهو الناسخ لخلافه بلا شك - .

وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية