صفحة جزء
1858 - مسألة : قال أبو محمد : ولا يجوز نكاح المتعة ، وهو النكاح إلى أجل ، وكان حلالا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نسخها الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم نسخا باتا إلى يوم القيامة .

[ ص: 128 - 129 ] وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من السلف - رضي الله عنهم - منهم من الصحابة - رضي الله عنهم - أسماء بنت أبي بكر الصديق ، وجابر بن عبد الله ، وابن مسعود .

وابن عباس ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن حريث ، وأبو سعيد الخدري ، وسلمة ، ومعبد ابنا أمية بن خلف

ورواه جابر بن عبد الله عن جميع الصحابة مدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدة أبي بكر ، وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر .

واختلف في إباحتها عن ابن الزبير ، وعن علي فيها توقف .

وعن عمر بن الخطاب أنه إنما أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان فقط ، وأباحها بشهادة عدلين .

ومن التابعين : طاوس ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، وسائر فقهاء مكة أعزها الله .

وقد تقصينا الآثار المذكورة في كتابنا الموسوم ب " الإيصال "

وصح تحريمها عن ابن عمر ، وعن ابن أبي عمرة الأنصاري .

واختلف فيها : عن علي ، وعمر ، وابن عباس ، وابن الزبير .

وممن قال بتحريمها وفسخ عقدها من المتأخرين : أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأبو سليمان . [ ص: 130 ]

وقال زفر : يصح العقد ويبطل الشرط .

قال أبو محمد : لقد صح تحريم الشغار ، والموهوبة ، فأباحوها ، وهي في التحريم أبين من المتعة ولكنهم لا يبالون بالتناقض .

ونقتصر من الحجة في تحريمها على خبر ثابت - وهو ما رويناه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه قال : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " فذكر الحديث وفيه فقال " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يخطب ويقول : { من كان تزوج امرأة إلى أجل فليعطها ما سمى لها ، ولا يسترجع مما أعطاها شيئا ، ويفارقها ، فإن الله قد حرمها عليكم إلى يوم القيامة } .

قال أبو محمد : ما حرم إلى يوم القيامة فقد أمنا نسخه .

وأما قول زفر ففاسد ، لأن العقد لم يقع إلا على أجل مسمى .

فمن أبطل هذا الشرط وأجاز العقد ، فإنه ألزمهما عقدا لم يتعاقداه قط ، ولا التزماه قط ، لأن كل ذي حس سليم يدري بلا شك أن العقد المعقود إلى أجل هو غير العقد الذي هو إلى غير أجل [ بلا شك ] .

فمن الباطل إبطال عقد تعاقداه وإلزامهما عقدا لم يتعاقداه ، وهذا لا يحل ألبتة إلا أن يأمرنا به الذي أمرنا بالصلاة والزكاة والصوم والحج ، لا أحد دونه - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية