صفحة جزء
1884 - مسألة : والعدل بين الزوجات فرض ، وأكثر ذلك في قسمة الليالي - ولا يجوز أن يفضل في قسمة الليالي حرة على أمة متزوجة ، ولا مسلمة على ذمية ، فإن عصته حل له هجرانها حتى تطيعه ، وضربها بما لم يؤلم ، ولا يجرح ، ولا يكسر ، ولا يعفن - فإن ضربها بغير ذنب أقيدت منه .

ولا يجوز له المبيت عند أمته ، ولا عند أم ولده ، ولا في دار غيره إلا بعذر . [ ص: 176 ] برهان ذلك : قول الله تعالى : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم } .

وقول الله عز وجل : { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة } .

وقال تعالى : { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا } .

فلم يبح الله عز وجل هجرانها في المضجع إلا إذا خاف نشوزها ، وإنما أباح مضربا ، ولم يبح الجراح ، ولا كسر العظام ، ولا تعفين اللحم .

وقال تعالى : { والحرمات قصاص } .

فصح أنه إن اعتدى عليها بغير حق فالقصاص عليه .

وروينا من طريق أحمد بن شعيب أنا عمرو بن علي نا عبد الرحمن - هو ابن مهدي - نا همام - هو ابن يحيى - عن قتادة عن النضر بن أنس بن مالك عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال { من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل } .

فلم يخص عليه الصلاة والسلام حرة متزوجة ، من أمة متزوجة ، ولا مسلمة من ذمية - وأمر عز وجل من خاف أن لا يعدل أن يقتصر على واحدة من الزوجات ، أو أن يقتصر على ما ملكت يمينه .

فصح أنه ليس عليه أن يعدل بين إمائه .

وكل ما قلنا فهو قول أبي سليمان ، وأصحابنا .

وقال إبراهيم النخعي : لا فضل للزوجة المسلمة على الكتابية في القسمة ، وهو قول مالك ، والليث ، وأبي حنيفة ، والشافعي .

وقال أبو حنيفة : من كانت له زوجة حرة وزوجة مملوكة فللحرة ليلتان وللمملوكة ليلة .

وروينا ذلك عن علي ، ومسروق ، ومحمد بن علي بن الحسين ، والشعبي ، والحسن ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، وسعيد بن المسيب ، وعثمان البتي ، والشافعي .

[ ص: 177 ] وقال مالك ، والليث ، وأبو سليمان : القسمة لهما سواء .

واحتج من رأى للحرة يومين وللأمة يوما بأنه روي في ذلك حديث مرسل ، وأنه عن علي - ولا يعرف له في ذلك مخالف من الصحابة - رضي الله عنهم - وأنه قول جمهور السلف .

وقالوا : لما كانت عدة الأمة وحدها نصف عدة الحرة وحدها وجب أن تكون قسمتها نصف قسمة الحرة .

قال أبو محمد : المرسل لا حجة لهم فيه ، وعهدنا بهم يردون السنن الثابتة في المسح على العمامة وما يحرم من الرضاعات بأنها زائدة على ما في القرآن وتركوا ههنا عموم أمر الله تعالى بالعدل بين النساء عموما بخبر ساقط مرسل ، مخالف لعموم القرآن ، ولا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقد خالفوا طائفة من الصحابة منهم علي فيما لا يعرف لهم فيه مخالف منهم في القضاء بولد الأمة المستحقة لسيد أمه ، أو فدائه برأس أو رأسين ، وإلزام البائع الخلاص .

وخالفوهم وجمهور السلف في ذلك أيضا .

وأما قياس القسمة على العدة فباطل ، لأن القياس كله باطل ، وتعارضهم بقياس أدخل في الإيهام من قياسهم ، وهو أنه لما كانتا في النفقة سواء وجب أن يكونا في القسمة سواء - . وبالله تعالى التوفيق ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية