صفحة جزء
1920 - مسألة : وإنما تجب لها النفقة مياومة ، لأنه هو رزقها ، فإن تعدى من أجل ذلك وأخر عنها الغداء ، أو العشاء أدب على ذلك .

[ ص: 252 ] فإن أعطاها أكثر ، فإن ماتت ، أو طلقها ثلاثا ، أو طلقها قبل أن يطأها ، أو أتمت عدتها وعندها فضل يوم أو غداء أو عشاء : قضي عليها برده إليه . وهو في الميتة من رأس مالها ; لأنه ليس من حقها قبله ، وإنما جعله عندها عدة لوقت مجيء استحقاقها إياه ، فإذا لم يأت ذلك الوقت ولها عليه نفقة فهو عندها أمانة والله تعالى يقول : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } ولا ظلم أكثر من أن لا يقضى عليها برد ما لم تستحقه قبله . وأما الكسوة - فإنها إذا وجبت لها فهي حقها ، وإذ هو حقها فهو لها ، فسواء ماتت إثر ذلك أو طلقها ثلاثا ، أو أتمت عدتها ، أو طلقها قبل أن يطأها : ليس عليها ردها ، لأنه لو وجب عليها ردها لكانت غير مالكة لها حين تجب لها - وهذا باطل . وكذلك لو أخلقت ثيابها أو أصابتها وليست من مالها فهي لها ، فإذا جاء الوقت الذي يعهد في مثله إخلاق تلك الكسوة فهي لها ، ويقضى لها عليه بأخرى - فلو امتهنتها ضرارا أو فسادا حتى أخلقت قبل الوقت الذي يعهد فيه إخلاق مثلها فلا شيء لها عليه ، إنما عليه رزقها وكسوتها بالمعروف والمعروف هو الذي قلنا .

وأما الوطاء والغطاء - فبخلاف ذلك ، لأن عليه إسكانها ، فإذ عليه إسكانها فعليه من الفرش والغطاء ما يكون دافعا لضرر الأرض عن الساكن فهو له ، لأن ذلك لا يسمى كسوتها - وبين ذلك الخبر الذي أوردناه قبل مسندا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم من تكرهونه } . فنسب عليه السلام الفرش إلى الزوج فواجب عليه أن يقوم لها به ، وهو للزوج لا تملكه هي ، ومن قضى لها بأكثر من نفقة المياومة فقد قضى بالظلم الذي لم يوجبه الله عز وجل ، ونسأله عن أن يحد في ذلك حدا ، فأي حد حد - من جمعة أو شهر أو سنة - : كلف البرهان على ذلك من القرآن ، أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجده . فإن ذكر ذاكر ما رويناه من طريق البخاري نا محمد نا وكيع عن سفيان بن عيينة قال : أخبرني معمر نا ابن شهاب عن مالك بن أوس الحدثان عن عمر بن الخطاب { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبيع نخل بني النضير ويحبس لأهله قوت سنتهم } .

[ ص: 253 ] رويناه أيضا من طريق أبي داود نا أحمد بن عبدة نا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن الزهري بإسناده .

ومن طريق مسلم أنا علي بن مسهر نا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي أزواجه كل سنة ثمانين وسقا من تمر وعشرين وسقا من شعير } ؟ قلنا : ليس في هذا بيان أنه كان يدفعه إليهن مقدما فهو جائز ، وجائز أيضا أن يعطيه إياهن مياومة ، أو مشاهرة - ونحن لم نمنع من ذلك إن طابت نفسه به ، فإن فعل الحاكم ذلك فتلف بغير عدوان منها ، أو بعدوان .

فهي ضامنة له ، لأنها أخذت ما ليس حقا لها ، وحكم الحاكم لا يحل مال أحد لغيره ، ولا يسقط حق ذي حق ، فلو تطوع هو بذلك دون قضاء قاض فتلف بغير عدوان منها فعليه نفقتها ثانية ، وكسوتها ثانية كذلك ، لأنها لم تتعد ، فلا شيء عليها وحقها باق قبله ، إذ لم يعطه إياها بعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية