صفحة جزء
وأما صفة طلاق السنة فقد ذكرنا قول ابن مسعود آنفا في ذلك من طريق الأعمش عن أبي إسحاق - وآخر من طريق علي بن أبي طالب ، وهو أن ابن مسعود قال : يطلقها في طهر لم يمسها فيه - ثم يدعها حتى تحيض ، فإذا طهرت طلقها أخرى - ثم يدعها حتى تحيض ، فإذا طهرت طلقها ثالثة .

وقال علي : له أن يطلقها ثم يدعها حتى تتم عدتها ، أو يراجعها في العدة إن شاء .

ومن قول ابن مسعود الذي ذكرنا قول رويناه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة - : ومثله عن معمر عن الزهري ، وعن قتادة عن ابن المسيب .

ومثله من طريق عبد الرزاق عن أبي حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي - وزاد فإن كانت يئست من المحيض فليطلقها عند كل هلال تطليقة - وهو قول الشعبي . [ ص: 402 ]

وممن كره أن يطلقها أكثر من واحدة : الليث ، والأوزاعي ، ومالك ، وأبو حنيفة ، وعبد العزيز بن الماجشون ، والحسن بن حي ، وأبو سليمان ، وأصحابهم .

وأما قولنا في طلاق الحامل ، والتي لم يطأها ، والتي لم تحض ، والتي يئست من المحيض : فإن النصوص التي ذكرنا قبل وإنما جاءت في اللواتي عدتهن الأطهار .

[ ص: 403 ] وأما الحامل - فليس لها أقراء تراعى ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما أوردناه قبل في صدر كلامنا في الطلاق ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا - فبين عليه الصلاة والسلام في الطاهر أن لا يطأها في ذلك الطهر قبل أن يطلقها ، وأجمل طلاق الحامل { وما كان ربك نسيا }

وأما التي لم يطأها - فلا عدة عليها بنص القرآن ، فليست من اللاتي قال الله تعالى فيهن : { فطلقوهن لعدتهن } فله أن يطلقها كما أباح الله تعالى متى شاء قال تعالى : { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن } .

وأما التي لم تحض قط ، أو التي انقطع حيضها فقد قال من ذكرنا : إنه يطلقها عند استهلال الهلال وهذا شيء لا نوجبه ، لأنه لم يأت بإيجابه قرآن ولا سنة . [ ص: 404 ]

فإن قيل : ألم يقل الله عز وجل : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } .

قلنا : نعم ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال { الشهر تسعة وعشرون يوما } فمن حيث ابتدأ بالعدة فإذا أتم تسعة وعشرين يوما فهو شهر .

برهان ذلك : قول الله عز وجل : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } فأوجب عز وجل ما قلنا ، وهو أن يبدأ بعدد الشهور من أي يوم أو ليلة شاء العاد ، أو من حيث تجب العدة بالوفاة ، أو بالشهور - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية