صفحة جزء
[ ص: 410 ] مسألة : وطلاق النفساء كالطلاق في الحيض سواء سواء لا يلزم إلا أن يكون ثلاثا مجموعة أو آخر ثلاث قد تقدمت منها اثنتان .

برهان ذلك - : أنه ليس إلا حيض أو طهر - وقد ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أنه نهى عن الطلاق في الحيض ، وأمر بالطلاق في طهر لم يجامعها فيه ، أو حاملا } ولا خلاف في أن دم النفاس ليس طهرا ، ولا هو حمل ، فلم يبق إلا الحيض فهو حيض ، ولم يصح قط نص بأن النفاس ليس حيضا ، بل لا خلاف في أن له حكم الحيض ، من ترك الصلاة ، والصوم ، والوطء وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أن دم الحيض أسود يعرف } [ ص: 411 ] فصح أن كل دم أسود ظهر من فرج المرأة فهو حيض ما لم يتجاوز أمد الحيض ، وما لم يكن في حمل .

وصح أنه عليه الصلاة والسلام قال لأم سلمة ، وعائشة : أمي المؤمنين رضي الله عنهما { إذ حاضت كل واحدة منهما : أنفست ؟ قالت : نعم ، فسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحيض نفاسا } .

وممن قال بقولنا طائفة من السلف - : كما روينا من طريق وكيع عن جرير بن حازم ، وسفيان الثوري ، قال جرير عن قيس بن سعد عن بكير عن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت ، وقال سفيان : عن ابن جرير عن عطاء ، قال زيد ، وعطاء : إذا طلق الرجل امرأته - وهي نفساء - لم تعتد بدم نفاسها في عدتها .

وقال غيرهما غير هذا - : كما روينا من طريق عبد الرزاق عن عثمان بن مطر عن سعيد بن أبي عروبة قال : قال مطر الوراق عن الحسن في التي تطلق وهي حائض ثلاثة ؟ قال : تعتد به قرءا من أقرائها .

ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء ، قال : يكره أن يطلق امرأته حائضا كما يكره أن يطلقها نفساء .

قال أبو محمد : ولو أن امرأ طلق امرأته في طهر لم يمسها فيه طلاقا رجعيا فحملت من زنى ، أو من إكراه أو من شبهة بجهالة ، فإنها تنتقل إلى عدة الحامل [ ص: 412 ] فتنقضي عدتها بوضع حملها ، لأنها زوجته بعد ، ترثه ويرثها ، ويلحقها إيلاؤه ، وظهاره ، ويلاعنها - إن قذفها فهي مطلقة من ذوات الأحمال .

وقد قال تعالى : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن }

وكذلك تنتقل إلى عدة الحامل الوفاة إن مات - وسواء حملت في الطهر الأول أو الثاني أو الثالث ، فإن كان الطلاق ثلاثا ، أو آخر ثلاث ، أو معتقة تخيرت فراقه : لم تنتقل إلى عدة الوفاة ، ولا إلى عدة .

لكن إن حملت في الطهر الأول عدت جميع حملها قرءا ثم عدت نفاسها حيضا ، ثم تأتي بقرأين بعده ، ولا فرق بين اعتدادها به قرءا - ولو لم يبق منه إلا طرفة عين - وبين اعتدادها به - ولو لم يمض منه إلا طرفة عين - لأن بعض الطهر طهر ، فإن حملت في الطهر الثاني عدت مدة حملها قرءا ثانيا ، ثم نفاسها حيضا ، ثم عليها أن تأتي بقرء ثالث ، فإن حملت في الطهر الثالث عدت مدة حملها قرءا ، فإذا وضعت حملها بأول دم يظهر منها تمت عدتها ، وحلت للأزواج ، لأنها قد لزمها الاعتداد بالأقراء بنص القرآن فلا يسقط عنها ، فلو كانت ممن لا تحيض فكان طلاقها بائنا كما ذكرنا .

أو كانت معتقة فاختارت فراقه فإنها تتمادى على عدة الشهور وتحل للأزواج بتمامها ، ولا معنى للحمل حينئذ . [ ص: 413 ]

وكذلك لو حملت بعد موته فإنها تتمادى على عدتها أربعة أشهر وعشر ليال ، ثم تحل للأزواج بتمامها - ولا يراعى الحمل .

وإنما نعني بقولنا " تحل للأزواج " أنها يحل لها الزواج ، وأما الوطء فلا ألبتة ، حتى تضع حملها ثم تطهر من دم نفاسها - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية