صفحة جزء
1973 - مسألة : وطلاق العبد بيده لا بيد سيده ، وطلاق العبد لزوجته الأمة أو الحرة ، وطلاق الحر لزوجته الأمة أو الحرة - : كل ذلك سواء ، لا تحرم واحدة ممن ذكرنا على مطلق ممن ذكرنا إلا بثلاث تطليقات مجموعة أو مفرقة ، لا بأقل أصلا .

برهان ذلك : قول الله عز وجل : { إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن }

وقال تعالى : { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن }

وقال تعالى : { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم } [ ص: 503 ] فسوى تعالى بين طلاق كل ناكح من حر أو عبد ، أو عربي أو عجمي ، أو مريض أو صحيح : { وما كان ربك نسيا } .

ونحن نشهد بشهادة الله عز وجل أنه تعالى لو أراد أن يفرق بين شيء من ذلك لما أهمله ولا أغفله ولا غشنا بكتمانه ، ولبينه لنا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فإذ لم يفعل ذلك فوالله ما أراد الله قط فرقا بين شيء من ذلك .

وبالآيات التي ذكرنا صح أن الطلاق بيد الناكح لا بيد سواه ، فدخل في ذلك الحر والعبد دخولا مستويا بلا شك .

وقد وافقنا المالكيون ، والحنفيون والشافعيون على هذا .

ووافقنا الحنفيون على أن الحرة لا تحرم على زوجها العبد إلا بثلاث تطليقات .

ووافقنا الشافعيون والمالكيون على أن الأمة لا تحرم على زوجها الحر إلا بثلاث تطليقات - وخالفونا في الأمة تحت العبد .

وقول الله تعالى : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } بعد قوله تعالى : { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } قاض لقولنا بالصواب ، وشاهد بأنه الحق قطعا ، لأنه تعالى لم يخص بذلك حرا من عبد .

وفيما ذكرنا خلاف نذكر منه - إن شاء الله تعالى - ما يسر بفضله لذكره - ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم : روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء أن ابن عباس كان يقول : طلاق العبد بيد سيده إن طلق جاز ، وإن فرق فهي واحدة إذا كانا له جميعا ، فإن كان العبد له والأمة لغيره طلق السيد أيضا إن شاء . وحدثنا محمد بن سعيد بن نبات نا أحمد بن عبد الله بن عبد البصير نا قاسم بن أصبغ نا محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن المثنى نا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري ، عن عبد الكريم الجزري عن عطاء عن ابن عباس قال : ليس طلاق العبد ولا فرقته بشيء .

[ ص: 504 ] قال أبو محمد ، هاهنا عم الحرة والأمة - : ومن طريق عبد الرزاق نا ابن جريج نا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في الأمة والعبد : سيدهما يجمع بينهما ويفرق .

ومن طريق عبد الرزاق نا ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء أنه قال : لا طلاق لعبد إلا بإذن سيده ، فإن طلق اثنتين لم يجزه سيده إن شاء .

ومن طريق وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال : أهل المدينة لا يرون للعبد طلاقا إلا بإذن سيده - فهذا قول .

وقول ثان - كما روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني هشام بن عروة قال : سألنا عروة - يعني أباه - عن رجل أنكح عبده أمته ، هل يصلح له أن ينتزعها منه بغير طيب نفس العبد ؟ قال : لا ، ولكن إذا ابتاعه وقد أنكحه .

وقول ثالث - كما روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج أنه قال لعطاء : أنتزع أمتي من عبد قوم آخرين ، وقد أنكحتها إياه ؟ قال : نعم ، وأرضه ، قلت : أبى إلا صداقه كله ؟ قال : هو له كله ، فإن أبى فانتزعها إن شئت ، ومن حر أنكحتها إياه - ثم رجع عطاء فقال : لا تنزعها من الحر ، وإن أعطيته الصداق ، ولا تستخدمها ولا تبعها .

وقول رابع - من طريق منقطعة عن عمر بن الخطاب : إذا نكح العبد بغير إذن مواليه فنكاحه حرام ، فإن نكح بإذن مواليه فالطلاق بيد من يستحل الفرج .

ومن طريق مالك عن نافع عن ابن عمر : إن أذن السيد لعبده أن يتزوج فإنه لا يجوز لامرأته طلاق إلا أن يطلقها العبد وإن أبى أن يأخذ أمة غلامه ، أو أمة وليدته فلا جناح عليه .

ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أن أبا معبد أخبره أن عبدا كان لابن عباس وكانت له امرأة جارية لابن عباس ، فطلقها فبتها ؟ فقال ابن عباس : لا طلاق لك فارتجعها ; فأبى ؟ قال عبد الرزاق : نا معمر عن سماك بن الفضل أن العبد سأل ابن عمر ؟ فقال له : لا ترجع إليها ، وإن ضرب رأسك .

وصح عن سعيد بن جبير : الطلاق بيد العبد .

وصح عن سعيد بن المسيب إذا أنكح السيد عبده فليس له أن يفرق بينهما .

[ ص: 505 ] وصح عن شريح ، والحسن ، وإبراهيم : أن الطلاق بيد العبد - وهو قول أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأبي سليمان ، وأصحابهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية