صفحة جزء
وأما هل الخلع طلاق بائن أو رجعي ؟ فقالت طائفة : هي طلقة بائنة كما ذكرنا عن ابن مسعود آنفا .

وروينا من طريق وكيع عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير قال : كان [ ص: 518 ] عمران بن الحصين ، وابن مسعود يقولان في التي تفتدي من زوجها بمالها : يقع عليها الطلاق ما دامت في العدة ، وخالف ذلك غيرهما .

كما روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء أنه قال فيمن طلق بعد الفداء : لا يحسب شيئا من أجل أنه طلق امرأة لا يملك منها شيئا - اتفق على ذلك : ابن عباس ، وابن الزبير في رجل اختلع من امرأته ثم طلقها بعد الخلع ، فإنه لا يحسب شيئا ، قالا جميعا : أطلق امرأته ؟ إنما طلق من لا يملك .

قال ابن جريج : وزعم ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول : إن طلقها بعد الفداء جاز .

وقال أبو حنيفة : هو طلاق بائن ويلحقها طلاقه ما دامت في العدة .

وقال مالك ، والشافعي : هو طلاق بائن ولا يلحقها طلاقه في العدة .

وأما من قال : إن الخلع طلاق رجعي - : فكما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن سعيد بن المسيب : أنه قال في المختلعة : إن شاء أن يراجعها فليردد عليها ما أخذ منها في العدة ، وليشهد على رجعتها - قال معمر : وكان الزهري يقول ذلك - قال قتادة : وكان الحسن يقول : لا يراجعها إلا بخطبة ؟ قال أبو محمد : قد بين الله تعالى حكم الطلاق ، وأن { بعولتهن أحق بردهن } وقال { فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف } فلا يجوز خلاف ذلك .

وما وجدنا قط في دين الإسلام عن الله تعالى ، ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم طلاقا بائنا لا [ ص: 519 ] رجعة فيه ، إلا الثلاث مجموعة أو مفرقة ، أو التي لم يطأها ، ولا مزيد - وأما عدا ذلك فآراء لا حجة فيها .

وأما رده ما أخذ منها فإنما أخذه لئلا تكون في عصمته ، فإذا لم يتم لها مرادها فمالها - الذي لم تعطه إلا لذلك - مردود عليها ، إلا أن يبين عليها أنها طلقة له الرجعة فيها ، فترضى ، فلا يرد عليها شيئا - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية