صفحة جزء
[ ص: 26 ] العدد 1984 - مسألة : العدد ثلاث - : إما من طلاق في نكاح وطئها فيه مرة في الدهر فأكثر .

وإما من وفاة ، سواء وطئها أو لم يطأها .

وأما المعتقة - إذا اختارت نفسها وفراق زوجها ؟ فإن هذه خاصة دون سائر وجوه الفسخ : عدتها عدة المطلقة سواء سواء .

وأما سائر وجوه الفسخ ، والتي لم يطأها زوجها فلا عدة على واحدة منهن ، ولهن أن ينكحن : ساعة الفسخ ، وساعة الطلاق .

برهان ذلك - : أن عدة الطلاق ، والوفاة : مذكورة في القرآن - وكذلك سقوط المسقوطة العدة عن التي طلقت ولم يطأها المطلق في ذلك النكاح .

وأما المعتقة - تختار فسخ نكاحها - : فكما روينا من طريق أبي داود أنا عثمان بن أبي شيبة [ ص: 27 ] أنا عفان بن مسلم أنا همام بن يحيى عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس : { أن زوج بريرة كان عبدا أسود اسمه مغيث فخيرها - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرها تعتد } .

قال أبو محمد : فلو كانت عدة غير المذكورة في القرآن لبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا شك ، وإنما قلنا : إنها عدة الطلاق ; لأنها عدة من حي لا من ميت - فصح إذ أمرها عليه الصلاة والسلام بأن تعتد من فراقها له - وهو حي - أنها العدة من مفارقة الحي بلا شك .

وأما سائر وجوه الفسخ - سواء كانت من نكاح صحيح أو من عقد فاسد - : فلا عدة في شيء من ذلك ; لأنه لم يوجب ذلك قرآن ، ولا سنة ، ولا حجة فيما سواهما .

ولا يكون طلاق إلا في نكاح صحيح ، وكذلك لا عدة من وفاة من ليس عقد زواجه صحيحا ; لأن الله تعالى لم يوجب عدة طلاق له ، أو وفاة ، إلا من زوج ، ومن عقده فاسد ليس زوجا ، فلا طلاق له ، وإذ لا [ ص: 28 ] طلاق له فلا عدة من فراقه ، وإذ ليس زوجا فلا عدة من وفاته { ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } .

فإن قالوا : قسنا كل فسخ على المعتقة تختار فراق زوجها . قلنا : القياس كله باطل ، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل ; لأن جميع وجوه الفسخ لا خيار فيه للمنفسخ نكاحها إلا المعتقة فقد أجمعوا - بلا خلاف - على مفارقة حكمها لحكم سائر المنفسخ نكاحهن ، والعدة الواجبة إنما هي حكم أمر الله تعالى به ، ليس شيء منها لاستبراء الرحم .

برهان ذلك - : أن المخالفين لنا في هذا لا يخالفوننا في أن العدة : على الصغيرة الموطوءة أي التي لا تحمل ، والعجوز الكبيرة التي لا تحمل - : في الطلاق والوفاة ، ولو خالفونا في الطلاق في الصغيرة لكان قول الله تعالى : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } حاكما بصحة قولنا وبطلان قولهم .

ومعنى قوله تعالى : { إن ارتبتم } إنما هو إن ارتبتم كيف يكون حكمها لا يجوز غير ذلك ; لأن اللائي يئسن من المحيض لا يشك أحد في أنه لا يرتاب فيها بحمل .

وكذلك لا يختلفون في أن الخصي الذي بقي له من الذكر ما يولج ، فإن على امرأته العدة - وهو بلا شك لا يكون له ولد أبدا .

وكذلك لا يختلفون في أن من وطئ امرأته مرة ، ثم غاب عنها عشرات السنين ، ثم طلقها أن العدة عليها .

ولا شك في أنها لا حمل بها ، ولو كانت العدة خوف الحمل لأجزأت حيضة واحدة - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية