صفحة جزء
1986 - مسألة : فإن أتبعها في عدتها قبل انقضائها طلاقا بائنا ، ولم تكن عدتها تلك من طلاق ثلاث مجموعة ولا من طلقة ثالثة فعليها أن تبتدئ العدة من أولها فإن طلقها بعد ثنتين ثالثة فتبتدئ العدة أيضا ولا بد - وكذلك لو راجعها في عدتها فوطئها أو لم يطأها ثم طلقها فإنها تبتدئ العدة ولا بد .

وروينا مثل قولنا عن طائفة من السلف - : كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر ، وغيره عن قتادة أن جابر بن عبد الله ، وخلاس بن عمرو ، قالا جميعا في المطلقة في العدة : تعتد من الطلاق الآخر ثلاث حيض .

وروينا عن ابن مسعود : أنها تبني على عدتها من الطلاق الأول - وهو قول إبراهيم النخعي ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، وأبي قلابة - وبه قال الزهري ، وقتادة .

قال أبو محمد : وبه يقول أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، إلا أن أبا حنيفة ، ومالكا ، وأحد قولي الشافعي في التي يراجعها في العدة ثم يطلق قبل أن يطأها : أنها [ ص: 39 ] تستأنف العدة - وقال الشافعي مرة : تبني على عدتها من الطلاق الأول - وهو قول عطاء .

قال أبو محمد : ما نعلم لهم حجة من قرآن ، ولا من سنة أصلا ولا متعلق لهذه الطوائف فيما جاء عن ابن مسعود في ذلك ; لأنه خبر - : حدثناه عبد الله بن ربيع قال : أنا محمد بن معاوية القرشي أنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن يحيى بن أيوب المروزي أنا حفص - هو ابن غياث - أنا الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال : طلاق السنة يطلقها تطليقة وهي طاهرة في غير جماع ، فإذا جاء وطهرت طلقها أخرى فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى ، ثم تعتد بعد ذلك بحيضة .

قال الأعمش فسألت إبراهيم النخعي ؟ فقال مثل ذلك .

قال أبو محمد : كل هؤلاء الطوائف مخالفون لما صح عن ابن مسعود هاهنا أنه السنة ; لأنهم كلهم يكرهون أن يتبعها طلاقا في العدة ، والمالكيون والشافعيون لا يرون الحيض عدة .

ولا عجب أعجب ممن يحتج بقول سعيد بن المسيب في دية أصابع المرأة : هي السنة يا ابن أخي ، ويحتج بقول ابن مسعود هاهنا أنه السنة .

قال أبو محمد : وأما نحن فلا حجة عندنا فيما عدا نص قرآن وسنة ثبت حكمها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وحجتنا لقولنا هاهنا : هو أن الله عز وجل إنما أسقط العدة عن المطلقة غير الممسوسة فقط ، وأوجبها على المطقة الممسوسة .

[ ص: 40 ] وأمر الله تعالى من طلق أن يطلق للعدة ، وجعل العدة على التي تحيض ثلاثة قروء .

وعلى التي لا تحيض - لصغر أو كبر - ثلاثة أشهر .

وحكم تعالى أنها امرأته ما لم تنقض عدتها منه : يتوارثان ، ويلحقها طلاقه ، فهو إذا طلقها ثانية : مطلق امرأته الموطوءة منه في ذلك النكاح بلا شك ، فعليها أن تبتدئ العدة من إثره بلا فصل .

ومن الباطل أن يتقدم شيء من العدة قبل الطلاق ، كما من الباطل طلاق موطوءة بلا عدة .

أو طلاق موطوءة يكون قرءا واحدا أو قرأين ، ولا بد لمخالفينا هاهنا من أحد هذه الوجوه الثلاثة - وهي كلها باطل بيقين .

وكذلك من المحال أن تبني المرتجعة على عدة قد بطلت بالرجعة ، إذ من الباطل أن تكون مرتجعة ، وهي بعد الارتجاع في العدة - ، وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية