صفحة جزء
210 - مسألة : ولا يجوز لأحد مس ذكره بيمينه جملة إلا عند ضرورة لا يمكنه غير ذلك ، ولا بأس بأن يمس بيمينه ثوبا على ذكره ، ومس الذكر بالشمال مباح ، ومسح سائر أعضائه بيمينه وبشماله مباح ، ومس الرجل ذكر صغير لمداواة أو نحو ذلك من أبواب الخير كالختان ونحوه ، جائز باليمين والشمال ، ومس المرأة فرجها بيمينها وشمالها جائز ، وكذلك مسها ذكر زوجها أو سيدها بيمينها أو بشمالها جائز .

برهان ذلك أن كل ما ذكرنا فلا نص في النهي عنه ، وكل ما لا نص في تحريمه فهو مباح بقول الله تعالى : { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { من أعظم الناس جرما في الإسلام من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته } .

وقوله عليه السلام : { دعوني ما تركتكم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه } أو كما قال عليه السلام ، فنص تعالى على أن كل محرم قد فصل لنا باسمه ، فصح أن ما لم يفصل تحريمه فلم يحرم ، وكذلك بالخبرين المذكورين .

وقد جاء النهي عن مس الرجل ذكره بيمينه ، كما حدثنا حمام وعبد الله بن يوسف ، قال عبد الله ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا [ ص: 319 ] أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا ابن أبي عمر ثنا الثقفي هو عبد الوهاب بن عبد المجيد - عن أيوب السختياني ، وقال حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا أحمد بن محمد البرتي قاضي بغداد ثنا أبو نعيم هو الفضل بن دكين - ثنا سفيان هو الثوري عن معمر ، ثم اتفق أيوب السختياني ومعمر كلاهما عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمس الرجل ذكره بيمينه } هذا لفظ معمر .

ولفظ أيوب { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتنفس في الإناء وأن يمس ذكره بيمينه وأن يستطيب بيمينه } .

وبهذا الخبر حرم أن يزيل أحد أثر البول بيمينه بغسل أو مسح ، لأنه استطابة .

قال علي : رواية معمر وأيوب زائدة على كل ما رواه غيرهما عن يحيى بن أبي كثير من الاقتصار بالنهي عن مس الذكر باليمين في حال البول ، وعند دخول الخلاء ، والزيادة مقبولة لا يجوز ردها ، لا سيما وأيوب ومعمر أحفظ ممن روى بعض ما روياه ، وكل ذلك حق ، وأخذ كل ذلك فرض لا يحل رد شيء مما رواه الثقات ، فمن أخذ برواية أيوب ومعمر فقد أخذ برواية همام وهشام الدستوائي والأوزاعي وأبي إسماعيل ، ومن أخذ برواية هؤلاء وخالف رواية أيوب ومعمر فقد عصى .

وقد روينا مثل قولنا هذا عن بعض السلف ، كما روينا من طريق وكيع عن الصلت بن دينار عن عقبة بن صهبان : سمعت أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه يقول : ما مسست ذكري بيميني مذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وبه إلى وكيع عن خالد بن دينار سمعت أبا العالية يقول : ما مسست ذكري بيميني مذ ستين سنة أو سبعين سنة .

وروينا عن مسلم بن يسار - وكان من خيار التابعين - أنه قال : لا أمس ذكري بيميني وأنا أرجو أن آخذ بها كتابي . وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية