صفحة جزء
[ ص: 74 ] مسألة : حدثنا محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن نصر نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا موسى بن معاوية نا وكيع نا سفيان عن عوف قال : سمعت شيخا يحدث في المسجد فجلسته ، فقالوا : ذاك أبو المهلب عم أبي قلابة قال : رمى رجل رجلا بحجر في رأسه ، فذهب سمعه ، ولسانه ، وعقله ، ويبس ذكره فقضى فيه عمر بن الخطاب بأربع ديات .

قال علي : ليس عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - شيء في السمع غير هذا ، وهو لا يصح ، لأن أبا المهلب لم يدرك عمر أصلا ، ولا في السمع أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا صحيح ولا سقيم ، ولا يعرف فيه إيجاب الدية عن أحد من التابعين ، إلا قتادة وحده - وقد خالفه غيره - .

كما حدثنا حمام نا ابن مفرج عن ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق نا ابن جريج عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : في ذهاب السمع خمسون .

وبه إلى ابن جريج عن عطاء قال : لم يبلغني في السمع شيء وإنما جاء عن عمر بن عبد العزيز ، وإبراهيم النخعي ، وابن علاثة : اختيار دعواه في أنه ذهب سمعه فقط ، لا إيجاب دية أصلا ، ونذكره لئلا يموه به مموه : كما روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج قال : ما اجتمع عليه لعمر بن عبد العزيز أن قال : لا أسمع في شيء يصاب به ، عمم به فاه ، ومنخريه ، فإن سمع صرير في الأذن فلا بأس .

وجاء إلى عمر بن عبد العزيز رجل فقال : ضربني فلان حتى صمت إحدى أذني ، فقال له : كيف تعلم ذلك ؟ قال : ادع الأطبة ؟ فدعاهم ، فشموها ، فقالوا للصماء : هذه الصماء .

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري قال : بلغني عن إبراهيم ، وغيره قال : يختبر ، فينظر هل يسمع أم لا ؟

وعن عبد الرزاق عن معمر سألت ابن علاثة القاضي قلت : الرجل يدعي على الرجل أنه أصمه من ضربه ، كيف له أن يعلم ذلك ؟ قال : يلتمس - غفلاته فإن قدر على [ ص: 75 ] شيء وإلا استحلف ثم أعطي ، فإن ادعى صمما في إحدى أذنيه دون الأخرى ، فإنه بلغني أنه تحشى التي لم تصم ، وتلتمس غفلاته .

وقال أبو حنيفة ومالك ، والشافعي ، وأصحابهم : في ذهاب السمع الدية - وهذا لا نص فيه ، ولا إجماع ، لصحة وجود الخلاف كما ذكرنا ، وقال أبو حنيفة : في ذهاب الشم الدية .

قال أبو محمد : وهذا إيجاب شريعة - والشرائع لا يوجبها إلا الله تعالى في القرآن ، أو على لسان رسوله - عليه الصلاة والسلام - فلا شيء في ذهاب السمع بالخطأ ، لأن الأموال محرمة ، إلا بنص أو إجماع .

وأما في العمد ، فإن أمكن القصاص منه بمثل ما ضرب فواجب ، ويصب في أذنه ما يبطل سمعه ، مما يؤمن معه موته ، فهذا هو القصاص .

التالي السابق


الخدمات العلمية