صفحة جزء
215 - مسألة :

ومن توضأ فلبس أحد خفيه بعد أن غسل تلك الرجل ثم إنه غسل الأخرى بعد لباسه الخف على المغسولة ، ثم لبس الخف الآخر ثم أحدث فالمسح له جائز كما لو ابتدأ لباسهما بعد غسل كلتي رجليه ، وبه يقول أبو حنيفة وداود وأصحابهما .

وهو قول يحيى بن آدم وأبي ثور والمزني ، وقال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل : لا يمسح لكن إن خلع التي لبس أولا ثم أعادها من حينه فإن له المسح . [ ص: 334 ]

قال علي : كلا القولين عمدة أهله على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين } ، فوجب النظر في أي القولين هو أسعد بهذا القول ، فوجدنا من طهر إحدى رجليه ثم ألبسها الخف فلم يلبس الخفين وإنما لبس الواحد ولا أدخل القدمين الخفين ، إنما أدخل القدم الواحدة ، فلما طهر الثانية ثم ألبسها الخف الثاني صار حينئذ مستحقا لأن يخبر عنه أنه أدخلهما طاهرتين ولم يستحق هذا الوصف قبل ذلك ، فصح أن له أن يمسح ، ولو أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذهب إليه مالك والشافعي لما قال هذا اللفظ ، وإنما كان يقول : دعهما فإني ابتدأت إدخالهما في الخفين بعد تمام طهارتهما جميعا ، فإذ لم يقل عليه السلام هذا القول فكل من صدق الخبر عنه بأنه أدخل قدميه جميعا في الخفين وهما طاهرتان فجائز له أن يمسح إذا أحدث بعد الإدخال ، وما علمنا خلع خف وإعادته في الوقت يحدث طهارة لم تكن ، ولا حكما في الشرع لم يكن ، فالموجب له مدع بلا برهان . وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية