صفحة جزء
2108 - مسألة : الخشبة تخرج من الحائط - والقصار ينضح - والقصاب كذلك - وإخراج شيء في طريق المسلمين ، والرحى ، والخفان ، والنعلان في المسجد ، والقاعد فيه ، والقنديل ، وظلال السوق ، ومن رش أمام بابه ؟ قال أبو محمد : روينا عن إبراهيم النخعي : إذا أخرج الرجل الصلاية أو الخشبة ، في حائطه ضمن .

وعن وكيع نا سفيان عن عطاء بن السائب عن شريح أنه كان يضمن بوري السوق وعموده .

وعن وكيع نا سفيان عن جابر عن عامر قال : إذا نضح القصار ، أو القصاب ضمن .

وعن الحسن أبي مسافر قال : إن كنيفا وقع على صبي فقتله أو جرحه ؟ قال شريح : لو أتيت به لضمنته .

وعن محمد النفيلي : أن رجلا أخرج صلاية في حائطه فمزقت مزادة من أدم ؟ فضمنه شريح .

ومن طريق الحجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة عن علي بن أبي طالب قال : من أخرج رحى من ركن داره فعقرت رجلا ضمن .

وعن الحجاج بن أرطاة عن قتادة عن شريح مثله .

ومن طريق عبد الرزاق عن ابن مجاهد عن أبيه قال : قال علي : من حفر بئرا ، أو فرض غورا ضمن .

وعن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عطاء بن السائب قال : ضمن شريح البادي ، وظلال أهل السوق ، إذا لم يكن في ملكهم ، وضمن أهل العمود .

وعن الحكم بن عتيبة عن حماد بن أبي سليمان عن رجل توضأ وصب ماءه في الطريق ؟ قال حماد : يضمن - وقال الحكم : لا يضمن .

[ ص: 191 ] وعن شعبة عن الحكم ، وحماد في الرجل السوقي ينضح بين يدي بابه ماء فيمر به إنسان فيزلق ؟ قال حماد : يضمن - وقال الحكم : لا يضمن .

قال أبو محمد : فهذا عن علي ، وشريح ، والنخعي ، وحماد .

وقال الحسن بن حي : من أحدث في الطريق حدثا من نضح ، أو ماء ، أو حجر ، أو شيئا أخرجه من داره في الطريق من ظلة ، أو جناح : فهو ضامن لما عطب فيه .

وقال الأوزاعي : من أخرج كنيفا أو جذعا إلى الطريق فأعنت أحدا ضمن ذلك .

وقال الليث : إن أخرج عودا ، أو حجرا ، أو خشبة ، من جداره ، فمر به إنسان فجرحه ، أو قتله ، فإن كان لا يعرف من صنيع الناس ضمن به .

وقال الشافعي : واضع الحجر في أرض لا يملكها ضامن .

وأما أبو حنيفة ، وأصحابه ، فلهم هاهنا أقوال طريفة نذكر منها ما يسر الله تعالى : فمنها - أنه قال : من قعد في مسجد في غير صلاة فعطب به إنسان ضمن ، فإن كان في صلاة لم يضمن ، وإن كان في غير صلاة ضمن .

وقال أبو يوسف ، ومحمد : لا يضمن في كلا الوجهين .

وقالوا كلهم : من أخرج من داره ميزابا فسقط على إنسان فقتله ، فإن أصابه ما كان خارجا من الحائط ضمن ، وإن أصابه ما كان في الحائط فلا شيء عليه ، فإن جهل ما أصابه فالقياس أن لا يضمن - ولكن قالوا : ندع القياس ونستحسن فنضمنه .

وإن وضع في الطريق حجرا ضمن ما أصابه .

قالوا : فإن استأجر رجلا على شيء يحدثه في فنائه ، فعطب به إنسان ضمن ، المستأجر - فلو استأجره ليحفر في غير فنائه ، فإن الضامن لما يتلف بذلك الأجير .

قال أبو محمد : أما عند أصحابنا فلا يضمن عندهم أحد في شيء من ذلك ، فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب علينا أن ننظر في ذلك لنعلم الحق من ذلك فنتبعه .

فنظرنا في قول من قال بالتضمين فوجدناهم يذكرون : ما روينا من طريق عبد الرزاق [ ص: 192 ] عن ابن عيينة عن عمرو عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من أخرج من حده شيئا فأصاب إنسانا فهو ضامن } .

حدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي نا ابن مفرج نا محمد بن أيوب الرقي نا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار نا عمرو بن مالك الصائغ عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من أخرج عن حده شيئا فأصاب به إنسانا فهو ضامن } .

وقد روي ذلك عن علي ، ولا يعرف له مخالف من الصحابة رضي الله عنهم .

قال أبو محمد : ما نعلم لهم شيئا غير هذا ، وكل هذا لا شيء : أما الخبر المذكور فلا يصح ، لأنه مرسل عن الحسن ، والمرسل لا حجة فيه ، ولم يسنده أحد إلا حماد بن مالك ، وليس بالقوي ، قاله البزار وغيره - فسقط التعلق به .

وأما الرواية عن علي فباطلة ، لأنها عن الحجاج بن أرطاة ، وعبد الوهاب بن مجاهد - وكلاهما في غاية السقوط - ثم عن الحكم ، ومجاهد - وكلاهما لم يدرك علي بن أبي طالب - فسقط الخبر جملة ، إلا عن إبراهيم ، وشريح ، وحماد ، وقول عن الشافعي لا يصح - وقد صح عن الحكم في بعض ذلك أنه لا يضمن .

قال علي : فلم يبق للمضمنين حجة أصلا - وقد صح أن الأموال محرمة ، فلا يحل إلزام أحد غرامة لم يوجبها نص ، أو إجماع ، فوجب أن لا ضمان في شيء من ذلك - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية