صفحة جزء
2119 - مسألة : في قول الله تعالى { ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } ؟ روينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا وكيع نا سفيان الثوري عن خصيف عن مجاهد عن ابن عباس في قول الله تعالى { أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا } قال : من أوبقها { ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } قال : من كف عن قتلها .

وبه - إلى سفيان عن منصور عن مجاهد { ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } قال : من أنجاها من غرق أو حرق فقد أحياها .

وبه - إلى وكيع نا العلاء بن عبد الكريم قال : سمعت مجاهدا يقول { ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } قال : من كف عن قتلها فقد أحياها .

قال علي هذا ليس في تفسيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء فيسلم له ، والرواية عن ابن عباس فيها خصيف ، وليس بالقوي .

[ ص: 219 ] قال أبو محمد : وهذا حكم إنما كتبه الله تعالى على بني إسرائيل ولم يكتبه علينا ، قال الله تعالى { من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض } .

قال علي : فهذا أمر قد كفيناه - ولله الحمد - إذ لو كتبه الله تعالى علينا لأعلمنا بذلك ، فله الحمد كثيرا ، وهذا - والله أعلم - إذ كتبه الله على بني إسرائيل فهو من الإصر الذي حمله على من قبلنا .

وأمرنا تعالى أن ندعوه في أن لا يحمله علينا إذ يقول تعالى { ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا } فإذ لم يكتبه الله تعالى علينا فلم نكلف معرفة كيفيته ، إلا أن الذي كتب الله تعالى علينا : هو تحريم القتل ، والوعيد الشديد فيه ، ففرض علينا اجتنابه ، واعتقاد أنه من أكبر الكبائر بعد الشرك ، وهو مع ترك الصلاة أو بعده .

ومما كتبه الله تعالى أيضا علينا استنقاذ كل متورط من الموت إما بيد ظالم كافر ، أو مؤمن متعد ، أو حية أو سبع ، أو نار أو سيل ، أو هدم أو حيوان ، أو من علة صعبة نقدر على معاناته منها ، أو من أي وجه كان ، فوعدنا على ذلك الأجر الجزيل الذي لا يضيعه ربنا تعالى ، الحافظ علينا صالح أعمالنا وسيئه .

ففرض علينا أن نأتي من كل ذلك ما افترضه الله تعالى علينا ، وأن نعلم أنه قد أحصى أجرنا على ذلك من يجازي على مثقال الذرة من الخير والشر .

نسأل الله تعالى التوفيق لما يرضيه بمنه آمين ، وبالله تعالى نعتصم .

التالي السابق


الخدمات العلمية