صفحة جزء
2139 - مسألة : قال أبو محمد رحمه الله : وإذا تشاح الأولياء في تولي قتل قاتل وليهم ؟ قيل لهم : إن اتفقتم على أحدكم أو على أجنبي ، فذلك لكم وإلا أقرعنا بينكم ، فأيكم خرجت قرعته تولى القصاص - وهذا قول الشافعي رحمه الله ؟ قال أبو محمد رحمه الله : برهان هذا : أنه ليس بعضهم أولى من بعض ، ولا يمكن أن يتولى القود اثنان معا ، فإذ لا بد من أحدهما ، أو من غيرهما بأمرهما - ولا سبيل إلى ثالث ، فأمر غيرهما بالقود إسقاط لحقهما معا في تولي ذلك الحكم ، والحكم هاهنا بالقرعة إسقاط لحق أحدهما ، وإبقاء لحق الآخر - ولا يجوز إسقاط حق ذي حق إلا لضرورة مانعة لا سبيل معها إلى توفية الحق ، فإذا كان ذلك سقط الحق ; لقول الله تعالى { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } .

ونحن محرم علينا منعهما من حقهما ، ونحن مضطرون إلى إسقاط حق أحدهما ، إذ لا سبيل إلى غير ذلك ، ولسنا مضطرين إلى إسقاط حقهما جميعا فلا يجوز لنا ما لم نضطر إليه فقد بطل أن نأمر غيرهما بغير رضاهما ، ولا يجوز أن نقصد [ ص: 255 ] إلى أحدهما فنسقط حقه هكذا مطارفة فيكون جورا ومحاباة ، فوجبت القرعة ولا بد ; لأن الضرورة دفعت إليها ولا يحل إيقاف الأمر حتى يتفقا ; لأن في ذلك منعهما جميعا من حقهما ، وهذا لا يجوز ، بالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية