صفحة جزء
القسامة - مسألة : قال أبو محمد رحمه الله : اختلف الناس في القسامة على أقوال نذكر منها - ما يسر الله تعالى منها إن شاء الله تعالى على حسب ما وردت عمن جاء عنه في ذلك أثر عن الصحابة - رضي الله عنهم - ثم عن التابعين - رحمهم الله - ثم عمن بعدهم إن شاء الله تعالى .

ثم نذكر حجة كل طائفة لقولها - بعون الله تعالى ومنه ; ليلوح من ذلك الحق : كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن عمر قال : لم يقد أبو بكر ، ولا عمر بالقسامة .

روينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا عبد السلام بن حرب عن عمرو - هو ابن عبيد - عن الحسن البصري أن أبا بكر والجماعة الأولى لم يكونوا يقيدون بالقسامة .

ومن طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا وكيع نا المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود قال : انطلق رجلان من أهل الكوفة إلى عمر بن الخطاب فوجداه قد صدر عن البيت عامدا إلى منى فطاف بالبيت ثم أدركاه فقصا عليه قصتهما ، فقالا : يا أمير المؤمنين إن ابن عم لنا قتل ، نحن إليه شرع سواء في الدم - وهو ساكت لا يرجع إليهما شيئا - حتى ناشداه الله ، فحمل عليهما ، ثم ذكراه الله ؟ فكف عنهما ، ثم قال عمر بن الخطاب : ويل لنا إذا لم نذكر بالله ، وويل لنا إذا لم نذكر الله : فيكم شاهدان ذوا عدل ، يجيئان به على من قتله فنقيدكم منه ، وإلا حلف [ ص: 289 ] من يدرؤكم : بالله ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ؟ فإن نكلوا حلف منكم خمسون ، ثم كانت لكم الدية ، إن القسامة تستحق بها الدية ولا يقاد بها .

روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب استحلف امرأة خمسين يمينا ; ثم جعلها دية .

ومن طريق عبد الرزاق عن أبي بكر بن عبد الله عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال في القتيل يوجد في الحي يقسم خمسون من الحي الذي وجد فيه : بالله إن دمنا فيكم ثم يغرمون الدية .

روينا من طريق البخاري نا قتيبة نا أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم الأسدي نا حجاج بن أبي عثمان ني أبو رجاء من آل أبي قلابة حدثني أبو قلابة أنه قال لعمر بن عبد العزيز : كانت هذيل خلعوا حليفا لهم في الجاهلية ، وطرق أهل بيت من اليمن بالبطحاء فانتبه له رجل منهم فحذفه بالسيف فقتله ؟ فجاءت هذيل فأخذوا اليماني فرفعوه إلى عمر بن الخطاب بالموسم ، وقالوا : قتل صاحبنا ، قال : إنهم خلعوه ، قال : يقسم خمسون من هذيل ما خلعوا ؟ فأقسم منهم تسعة وأربعون رجلا ، وقدم رجل من الشام فسألوه أن يقسم ؟ فافتدى يمينه منهم بألف درهم ، فأدخلوا مكانه آخر ، فدفعه عمر إلى أخي المقتول ، فقرنت يده بيده فانطلقا - وذكر الخبر .

[ ص: 290 ] وعن الضحاك عن محمد بن المنتشر قال : إن قتيلا قتل باليمن بين حيين فأمرهم عمر بن الخطاب أن يقيسوا بين الحيين ، فكان إلى وداعة أقرب ، فأمرهم عمر : أن يقسموا ثم يدوا .

وعن الشعبي في قتيل وجد في وداعة باليمن : فأدخل عمر بن الخطاب الحطيم منهم خمسين رجلا منهم ، ثم استحلفهم رجلا رجلا : بالله ما قتلنا ، ولا علمنا قاتلا ، فقال لهم : أدوا وحولوا ، فقالوا : يا أمير المؤمنين تغرمنا وتحلفنا ؟ قال : نعم .

ومن طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي نا إسماعيل بن أبي أويس نا أخي عن سليمان بن بلال عن صالح بن كيسان أخبرني ابن شهاب : أن عمر بن عبد العزيز سأله عن القسامة ؟ قال : فقلت له : كانت من أمر الجاهلية أقرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكن من سنتنا ، وما بلغنا : أن القتيل إذا تكلم برئ أهله ، إن لم يتكلم حلف المدعى عليهم ، وذلك فعل عمر بن الخطاب ، والذي أدركنا عليه الناس .

وعن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه قضى بالبينة على الطالب ، والأيمان على المطلوب ، إلا في الدم فهذا مما روي عن عمر - رضي الله عنه .

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري ، قال : كتب إلي سليمان بن هشام يسأل عن رجل وجد مقتولا في دار قوم ، فقالوا : طرقنا ليسرقنا ، وقال أولياؤه : كذبوا بل دعوه إلى منزلهم ، ثم قتلوه . قال الزهري : فكتب إليه : يحلف من أولياء المقتول خمسون : إنهم لكاذبون ما جاء ليسرقهم ، وما دعوه إلا دعاء ، ثم قتلوه - فإن حلفوا أعطوا القود ، وإن نكلوا حلف من أولئك خمسون : بالله لطرقنا ليسرقنا ، ثم عليهم الدية . قال الزهري : وقد قضى بذلك عثمان بن عفان - رضي الله عنه - في ابن باقرة التغلبي أبى قومه أن يحلفوا ، فأغرمهم الدية فهذا ما جاء عن عثمان رضي الله عنه - .

[ ص: 291 ] وروينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا عبد الرحمن بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين أن علي بن أبي طالب كان إذا وجد القتيل بين قريتين قاس ما بينهما .

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال : قال علي بن أبي طالب : أيما رجل قتل بفلاة من الأرض فديته من بيت المال ; لكي لا يطل دم في الإسلام ، وأيما قتيل وجد بين قريتين فهو على أصقبهما - يعني أقربهما .

وعن علي بن أبي طالب - أنه استحلف المتهم ، وتسعة وأربعين معه تمام خمسين - فهذا ما جاء في ذلك عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه .

ومن طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا أبو معاوية عن مطيع عن فضيل بن عمر ، وعن ابن عباس - أنه قضى بالقسامة على المدعى عليهم .

ومن طريق عبد الرزاق عن إبراهيم - هو ابن يحيى - عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : لا قسامة ، إلا أن تكون بينة . ويقول : لا يقتل بالقسامة ، ولا يطل دم مسلم

- هذا نص الحديث . فهذا ما جاء عن ابن عباس - رضي الله عنه .

وعن ابن الزبير - أنه أقاد بالقسامة ، وعن عبد الله بن أبي مليكة قال : سألني عمر بن عبد العزيز عن القسامة ؟ فأخبرته أن عبد الله بن الزبير أقاد بها ، وأن معاوية لم يقد بها .

وعن المسيب : أن القسامة في الدم لم تزل على خمسين رجلا ، فإن نقصت قسامتهم ، أو نكل منهم رجل واحد : ردت قسامتهم ، حتى حج معاوية فاتهمت بنو أسد بن عبد العزى مصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ، ومعاذ بن عبيد الله بن معمر التيمي ، وعقبة بن جعونة بن شعوب الليثي : بقتل إسماعيل بن هبار ؟ فاختصموا إلى معاوية إذ حج - ولم يقم عبد الله بن الزبير بينة إلا بالتهمة ، فقضى معاوية بالقسامة على المدعى عليهم ، وعلى أوليائهم ، فأبى بنو زهرة ، وبنو تيم ، وبنو ليث : أن يحلفوا عنهم ؟ فقال معاوية لبني أسد : احلفوا ؟ فقال ابن الزبير : نحلف نحن على الثلاثة [ ص: 292 ] جميعا فنستحق ؟ فأبى معاوية أن يقسموا إلا على واحد - فقصر معاوية القسامة فردها على الثلاثة الذين ادعي عليهم ، فحلفوا خمسين يمينا بين الركن والمقام ، فبرئوا - وكان ذلك أول ما قصرت القسامة ، ثم قضى بذلك مروان ، وعبد الملك - ثم ردت القسامة إلى الأمر الأول .

وأما توحيد الأيمان - فروي عن سفيان الثوري عن عبد الله بن زيد عن أبي مليح : أن عمر بن الخطاب ردد الأيمان عليهم ، الأول فالأول ، وأما التابعون - فإننا روينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى عن يونس بن عبيد عن الحسن في القتيل يوجد غيلة ؟ قال : يقسم من المدعى عليهم خمسون : ما قتلنا ، ولا علمنا قاتلا ، فإن حلفوا فقد برئوا ، وإن نكلوا أقسم من المدعين خمسون : أن دمنا قبلكم ، ثم يودوا .

وعن الحسن - يستحقون بالقسامة الدية ، ولا يستحقون بها الدم .

وعن عبد الله بن عمر - أنه سمع أصحابا له يحدثون أن عمر بن عبد العزيز برأ المدعى عليهم باليمين ثم ضمنهم العقل .

وعن ابن أبي مليكة - أن عمر بن عبد العزيز أقاد بالقسامة في إمارته بالمدينة .

وعن يحيى بن سعيد الأنصاري أن عمر بن عبد العزيز - لما رأى الناس يحلفون على القسامة - بغير علم - استحلفهم ، وألزمهم الدية ، ودرأ عن القتل .

وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان عن أبيه عن عمر بن عبد العزيز - أنه ردد الأيمان على سبعة نفر أحدهم جان ، وعن شريح - قال : تردد الأيمان عليهم ، الأول فالأول .

وعن محمد بن سيرين أن قوما ادعوا على قوم قتيلا ؟ فاستحلف شريح خمسين منهم ، فحلف كل رجل منهم : بالله ما قتلت ، ولا علمت قاتلا ، فاستحلفهم ، فقال شريح : أتمهم وأنا أعلم ، فلم يتموا خمسين رجلا ، فردد عليهم أيمان نفر منهم تمام الخمسين ، وعن إبراهيم ، قال : القود بالقسامة جور يستحق بها الدية ولا يقاد بها .

[ ص: 293 ] ومن طريق أبي بكر بن أبي شيبة - حدثنا ابن علية عن يحيى بن أبي إسحاق ، قال : سمعت سالم بن عبد الله بن عمر يقول - وقد تيسر قوم من بني ليث ليحلفوا الغد في القسامة - فقال : يا لعباد الله لقوم يحلفون على ما لم يروه ، ولم يحضروه ، ولم يشهدوه ، ولو كان لي من الأمر شيء لعاقبتهم ، ولنكلتهم ، ولجعلتهم نكالا ، وما قبلت لهم شهادة .

ومن طريق البخاري - نا قتيبة أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم الأسدي نا حجاج بن أبي عثمان ني أبو رجاء من آل بني قلابة أنا أبو قلابة : { أن عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يوما للناس ، ثم أذن لهم ، فدخلوا ، فقال : ما تقولون في القسامة ؟ فقالوا : القود بها حق ، وقد أقادت بها الخلفاء ، فقال لي : ما تقول يا أبا قلابة ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين عندك رءوس الأخيار وأشراف العرب ، أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل محصن بدمشق أنه قد زنى لم يروه ، أكنت ترجمه ؟ قال : لا ، قلت : أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل بحمص أنه سرق ، أكنت تقطعه ولم يروه ؟ قال : لا ، قلت : فوالله ما قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا قط إلا في إحدى ثلاث خصال : رجل قتل بجريرة نفسه فقتل أو رجل زنى بعد إحصان ، أو رجل حارب الله ورسوله وارتد عن الإسلام } .

قال الزهري : ودعاني عمر بن عبد العزيز فقال : يا بني أريد أن أدع القسامة ، يأتي رجل من أرض كذا ، وآخر من أرض كذا ، فيحلفون ، فقلت له : ليس ذلك لك ، قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده ، وإنك إن تركتها أوشك رجل أن يقتل عند بابك فيطل دمه ، وإن للناس في القسامة حياة .

وقال الزهري في رجل اتهم بقتله أخوان فخاف أبوهما أن يقتلا ، فقال : أنا قتلت صاحبكم ، فقال كل واحد من الأخوين : أنا قتلته - وبرأ بعضهم بعضا ، قال الزهري : أرى ذلك إلى أولياء الميت ، فيحلفون قسامة الدم على أحدهم .

وعن ابن شهاب - قال في ثلاثة اعترف كل واحد منهم بقتل إنسان ، وبرأ صاحبه : إن الأولياء يقسمون على واحد ، ويجلد الآخران مائة مائة ، ويسجنان سنة . [ ص: 294 ] فإن اصطلحوا على الدية فهي عليهم كلهم ، يجلدون كلهم مائة مائة ، ويسجنون سنة .

وعن سعيد بن المسيب - أخبرهم أن ربيعة بن يعقوب مولى بني سباع ضرب ، فاحتمل إلى أهله فسئل من ضربه ؟ فقال : ضربني ابنا بلسانة وابنا تولمانة - فحفظ ذلك من قوله ، وشهد عليه ، ومات ربيعة ، فأخذ سعيد بن العاص أولئك الرهط فسجنهم ، وقدم مروان أميرا على المدينة ، قال : فاختصموا إليه ، فسألهم البينة على كلام ربيعة ، وتسمية الرهط الذين سمى ، فجاءوا بالبينة على ذلك ، فأحلف عبد الله بن سباع ، وابنه محمدا ، وعطاء بن يعقوب في قريب من عشرة رهط من آل سباع عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين يمينا مرددة عليهم ; لقتل ابنا بلسانة ، وابنا تولمانة ربيعة بن يعقوب ، فحلفوا ، فدفع مروان ابني بلسانة ، وابني تولمانة ، إلى أولياء المقتول فقتلوهم .

قال أبو محمد رحمه الله : فمن الصحابة - رضي الله عنهم - أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وابن عباس ، والمغيرة بن شعبة ، وابن الزبير ، ومعاوية ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وجملة الصحابة بالمدينة - هكذا مجملا - فأما المسمون فهم تسعة .

ومن التابعين - الحسن ، وعمر بن عبد العزيز ، وشريح ، وإبراهيم النخعي ، والشعبي ، وسعيد بن المسيب ، وقتادة ، وسالم بن عبد الله بن عمر ، وأبو قلابة ، والزهري ، وعروة بن الزبير ، ومروان بن الحكم ، وعبد الملك بن مروان وغيرهم ، وجمهور العلماء بالمدينة - الذين روى عنهم التابعون هكذا مجملا - كلهم مختلفون ، والصحابة أيضا كذلك ، وأكثر ما ذكرنا لا يصح على ما نبين إن شاء الله تعالى .

قال أبو محمد رحمه الله : فالمأثور من ذلك عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه لم يقد بالقسامة ، إلا أنه لا يصح ; لأنه مرسل ، إنما هو عن عبيد الله بن عمر بن حفص ، وعن الحسن ، وفي طريق الحسن عبد السلام بن حرب - وهو ضعيف .

وعن عمر - رضي الله عنه - أنه لم يقد بالقسامة - وهو مرسل لا يصح كما ذكرنا . [ ص: 295 ] وروي عنه أيضا أنه طلب البينة من أولياء المقتول ، فإن لم يجدوها حلف المدعى عليهم ، ولا شيء عليهم ، فإن نكلوا حلف المدعون واستحقوا الدية

- وهذا مرسل عنه - لأنه عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن عمر - ولم يولد والد القاسم إلا بعد موت عمر - وروي عنه أيضا : البينة على المدعين ، وإلا حلف المدعى عليهم وبروا فقط ، إلا أنه مرسل .

وروي عنه - في قتيل وجد بين حيين ، أو قريتين - أن يذرع إلى أيهما هو أقرب فالذي هو أقرب إليها حلفوا خمسين يمينا وغرموا الدية مع ذلك . ومثل هذا عن المغيرة بن شعبة إلا أنه مرسل ; لأنه عن عمر ، والمغيرة ، من طريق الشعبي - ولم يولد إلا بعد موت عمر بأزيد من عشرة أعوام أو نحوها وقبل الشعبي .

وفي خبر المغيرة أشعث - وهو ضعيف - وروي عنه : أنه حلف امرأة مدعية من دم مولى لها خمسين يمينا ، ثم قضى لها بالدية - وهذا مرسل - لأنه عن أبي الزناد عنه ، وعن ابن المسيب عنه .

وأما عثمان - رضي الله عنه - فإنه روي عنه في قتيل وجد في دار قوم فأقروا بقتله ، وأنه جاءهم ليسرقهم : أن يحلف أولياء المقتول ، ولهم القود ، فإن نكلوا : حلف أهل الدار وغرموا الدية ، إلا أنه لا يصح ; لأنه مرسل ; لأنه من طريق الزهري : أن عثمان - ولم يولد الزهري ، إلا بعد موته - أعني بعد موت عثمان - .

وأما علي - رضي الله عنه - : إذا وجد القتيل بين قريتين قاس ما بينهما وجعله على أقربهما وإن وجد بفلاة من الأرض فديته على بيت المال وأنه أحلف المدعى عليه الدم ، وتسعة وأربعين معه - إلا أنه لا يصح ; لأنه عن أبي جعفر - ولم يولد أبو جعفر إلا بعد موت علي ببضعة عشر عاما .

ومن طريق أخرى فيها الحارث الأعور - وهو كذاب - والحجاج بن أرطاة - وهو هالك .

وأما ابن عباس - فجاء عنه أنه قضى بالأيمان على المدعى عليهم في القسامة وأن لا يقاد بها ، وأن لا يطل دم مسلم ، إلا أنه لا يصح ; لأن إحدى الطريقين عن [ ص: 296 ] مطيع - وهو مجهول - والأخرى عن إبراهيم بن أبي يحيى - وهو هالك .

وأما ابن الزبير - فصح عنه من أجل إسناد أنه أقاد بالقسامة ، وأنه رأى القود بها في قتيل وجد ، وأنه رأى الحكم للمدعين بالأيمان ، وأنه رأى أن يقاد بها من الجماعة للواحد : روى ذلك عنه أوثق الناس سعيد بن المسيب - وقد شاهد تلك القصة كلها .

وعبد الله بن أبي مليكة قاضي ابن الزبير .

وأما معاوية - فروي عنه تبرئة أولياء المدعى عليهم بالأيمان في القسامة ، فإن نكلوا حلف المدعون على واحد فقط ، وأقيدوا به لا على أكثر ، فإن نكلوا حلف المدعى عليهم بأنفسهم خمسين يمينا ، تردد الأيمان عليهم ، وحمله إياهم للتحليف من المدينة إلى مكة - وهذا في غاية الصحة ; لأنه رواه عنه سعيد بن المسيب ، وقد شهد الأمر .

وروي عنه أيضا : أنه بدأ المدعين بالأيمان وأقاد بها ، ووافقه على ذلك أزيد من ألف من الصحابة - رضي الله عنهم - إلا أن هذا لا يصح ; لأن في الطريق عبد الرحمن بن أبي الزناد ، وهو ضعيف .

وأما عبد الله بن عمرو - فإنه روي عنه أن كل دعوى فإن المدعى عليه يبدأ باليمين ، إلا في الدم ، فإن المصاب إذا ادعى أن فلانا قتله ، فأولياؤه مبدئون ، إلا أن هذا لا يصح ; لأنه من طريق ابن سمعان - وهو مذكور بالكذب هالك - وروي عن الجماعة الأولى ، أن لا قود بالقسامة ، إلا أنه لا يصح ; لأنه مرسل عنالحسن .

التالي السابق


الخدمات العلمية