صفحة جزء
وفي الطريق عبد السلام بن حرب - وهو ضعيف .

وروي : أن الأمر كان قديما قبل معاوية ، ألا تردد الأيمان ، وأنه إن نقص من الخمسين واحد بطلت القسامة - وهو صحيح - رواه سعيد بن المسيب وقد أدرك أيام عثمان ، وعلي - رضي الله عنهما - فهذا كل ما روي عن الصحابة - رضي الله عنهم - كله مختلف فيه غير متفق ، وكله لا يصح ، إلا ما روي عن ابن الزبير ، ومعاوية ، وعن إبطال القسامة إذا لم يتم الخمسون : فهو صحيح .

وأما التابعون - رحمهم الله - : فأما الحسن : فصح عنه أن لا يقاد بالقسامة لكن يحلف المدعى عليهم : بالله ما فعلنا ، ويبرءون - فإن نكلوا حلف المدعون وأخذوا الدية - هذا في القتيل يوجد .

[ ص: 297 ] وأما عمر بن عبد العزيز - فجاء عنه : يبدأ المدعى عليهم ، ثم أغرمهم الدية مع أيمانهم - وهذا عنه صحيح ، وأنه رجع إلى هذا القول - وصح عنه : أنه أقاد بالقسامة صحة لا مغمز فيها ، وأنه بدأ المدعين بالأيمان في القسامة ، وردد الأيمان - وصح عنه : أنه رجع عن القسامة جملة وترك الحكم بها .

وصح عنه مثل حكم عمر بن الخطاب في إغرامه نصا الدية في نكول المدعين ونكول المدعى عليهم عن الأيمان معا .

وأما شريح - فصح عنه تردد الأيمان ، وأن القتيل إذا وجد في دار قوم فادعى أهله على غير تلك الدار فقد بطلت القسامة ولا شيء لهم على أحد إلا ببينة .

وأما إبراهيم النخعي - فصح عنه إبطال القود بالقسامة لكن يبدأ بالمدعى عليهم فيحلفون خمسين يمينا ثم يغرمون الدية - مع ذلك - ورأى ترديد الأيمان .

وأما الشعبي - فروي عنه في القتيل يوجد بين قريتين : أنه على أقربهما إليه وفيه الدية ، له إن وجد بدنه في دار قوم فعليهم دمه ، وإن وجد رأسه في دار قوم فلا شيء فيه - ولا دية ولا غيرها - إلا أنه لا يصح عنه ; لأنه عمن لم يسم ، أو عن صاعد اليشكري ، ولا نعرفه .

وأما سعيد بن المسيب - فصح عنه أن القسامة على المدعى عليهم - وروي عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بها ، ولو علم أن الناس يجترئون عليها لم يقض بها - وهذا كلام سوء قد أعاذ الله تعالى سعيد بن المسيب عنه .

ورواية عن يونس بن يوسف - وهو مجهول - ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحكم من عند .

نفسه { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } .

ولقد علم الله تعالى إذ أوحى إليه بأن يحكم في القسامة بما حكم به من الحق أن الناس سيجترئون على الكفر ، وعلى الدماء ، فكيف على الأيمان { وما كان ربك نسيا } .

وأما قتادة - فصح عنه أن القسامة تستحق بها الدية ، ولا يقاد بها .

وأما سالم - فصح عنه إنكار القسامة جملة ، وأن من حلف فيها يستحق أن ينكل ، وأن لا تقبل له شهادة .

[ ص: 298 ] وأما أبو قلابة - فصح عنه إنكار القسامة جملة .

وأما الزهري - فصح عنه أن القسامة إذا لم تتم الخمسون عدد المدعين بطلت ، ولا تردد الأيمان فيها وأن ترديدها محدث .

أما عروة بن الزبير ، وأبو بكر بن عمرو بن حزم ، وأبان بن عثمان ، فإنه روي عنهم : إن ادعى المصاب على إنسان أنه قتله ، أو على جماعة ، فإن أولياء المدعي يبدءون فيحلفون خمسين يمينا على واحد ، وتردد عليهم الأيمان إن لم يتموا خمسين يمينا ، فإذا حلفوا دفع إليهم الواحد فيقتلوه ، وجلد الآخرون مائة مائة ، وسجنوا سنة .

وأن عبد الملك بن مروان أول من قضى بأن لا يقتل في القسامة إلا واحد ، وكان من قبله يقتلون فيها الرهط بالواحد .

وهذا كله خبر واحد ساقط ، لا يصح ; لأنه انفرد بروايته عبد الرحمن بن أبي الزناد ، وابن سمعان معا - وهما ساقطان ; وأما أبو الزناد - فروي عنه : أنه يبدأ في القسامة من له بعض بينة أو شبهة ، صح ذلك عنه .

وأما ربيعة - فصح عنه : أن شهادة اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، أو الصبيان أو المرأة : يؤخذ بها في القتل ، ويبدأ معها أولياء المقتول ، وذلك دعوى المصاب دون بينة أصلا - بالغا كان أو غير بالغ - هكذا روى عنه ابن وهب فيبدأ أولياؤه فيحلفون خمسين يمينا وتردد عليهم الأيمان إن لم يتموا خمسين ، ويستحقون القود ، فإن نكلوا حلف أولياء المدعى عليه خمسين يمينا ، تردد أيضا عليهم ، ويبرءون ويبرأ المدعى عليه ، فلا قود ولا دية ، فإن نكلوا وجب لأولياء المقتول القود على من ادعوا عليه دون يمين .

وأما مروان - فروي عنه : إذا ادعى الجريح على قوم ، فإن أولياءه يبدءون فيحلفون خمسين يمينا ، وتكرر عليهم الأيمان ، ثم يدفع إليهم كل من ادعوا عليه - وإن كانوا جماعة فيقتلون - إن شاءوا - ولم يصح هذا ; لأنه من رواية ابن سمعان .

وأما السالفون من علماء أهل المدينة جملة - فإنه روي عنهم : أن من ادعى - وهو مصاب - أن فلانا قتله ، فإن أولياءه يبدءون في القسامة ، فإن لم يدع على أحد [ ص: 299 ] برئ المدعى عليهم ، فإن حلف الأولياء مع دعوى المصاب كان لهم القود ، فإن عفوا عن الدم وأرادوا الدية قضي لهم بذلك ، وجلد المعفو عنهم مائة مائة ، وحبسوا سنة ، وإن عفا الأولياء عن القود وعن الدية : فلا ضرب على المعفو عنهم ، ولا سجن ، فإن نكلوا حلف المدعى عليه مع أوليائه خمسين يمينا ، فإن نكلوا غرم المدعى عليه الدية في ماله خاصة .

وأن القسامة تكون مع شهادة الصبيان ، أو النساء ، أو اليهود ، أو النصارى كما قلنا في دعوى القتيل سواء سواء ولا فرق .

وأن الأيمان تردد في ذلك إن لم يتموا خمسين ، فإن كان دعوى قتل عمد لم يجز أن يحلف في ذلك أقل من ثلاثة ، وإن كانت دعوى قتل خطأ : حلف في ذلك واحد - إن لم يوجد غيره - خمسين يمينا وأخذ الدية .

ويحلف في دعوى العمد من أراد القود - وإن لم يكن وارثا - ولا يحلف في دعوى الخطأ إلا من يرث - وكل هذا لا يصح ; لأنه من رواية ابن سمعان وهو موصوف بالكذب .

قال أبو محمد رحمه الله : فهذا كل ما حضرنا ذكره : أنه روي عن أحد من التابعين في ذلك وقد ذكرناهم - وهم مختلفون - كما ترى غير متفقين ؟ وأما المتأخرون - فنذكر أيضا - إن شاء الله تعالى - من أقوالهم ما يسر .

فأما سفيان الثوري - فإنه صح عنه : أنه قال : إن وجد القتيل في قوم فالبينة على أولياء القتيل فإن أتوا بها قضي لهم بالقود ، وإلا حلف المدعى عليهم خمسين يمينا ، وغرموا الدية مع ذلك .

وقال معمر : من ضرب فجرح فعاش صميتا ثم مات فالقسامة تكون حينئذ ، فيحلف المدعون : لمات من ضربه إياه ، فإن حلفوا خمسين يمينا كذلك استحقوا الدية ، وإن نكلوا حلف من المدعى عليهم خمسون : ما مات من ضربه إياه ، ويغرمون الدية مع ذلك فالجرح خاصة لا في النفس ، فإن نكل الفريقان جميعا غرم المدعى عليهم نصف الدية - ذهب إلى ما روي عن عمر .

وقال معمر : قلت لعبيد الله بن عمر : أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاد بالقسامة ؟ قال ، لا ، قلت : فأبو بكر ، قال : لا ، قلت : فعمر ، قال : لا ، قلت : فكيف تجترئون عليها ؟ فسكت . [ ص: 300 ] قال معمر : فقلت ذلك لمالك ؟ فقال : لا تضع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحيل ، لو ابتلي بها أقاد بها .

وقال عثمان البتي فيمن ادعي عليهم بقتيل وجد فيهم : فالبينة على المدعين ويقضى لهم ، فإن لم يكن لهم بينة حلف خمسون رجلا من المدعى عليهم ، وبرئوا ، ولا غرامة في ذلك ، ولا دية ، ولا قود .

وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : لا تكون القسامة بدعوى المصاب أصلا ، ولا قود في ذلك ، ولا دية ، لكن إن وجد قتيل في محلة وبه أثر ، وادعى الولي على أهل المحلة أنهم قتلوه ، وادعوا على واحد بعينه منهم ؟ فإن كانت لهم بينة عدل قضي لهم بها ، وإن لم تكن لهم بينة حلف المدعى عليهم خمسون رجلا من أهل الخطة ، لا من السكان ، ولا من الذين انتقل إليهم ملك الخطة بالشراء ، لكن على الذين كانوا مالكين لها في الأصل ، يختارهم الولي ، فإن نقص منهم ردت عليهم الأيمان - فإذا حلفوا غرموا الدية مع ذلك ، فإن نكلوا سجنوا أبدا حتى يقروا أو يحلفوا .

وقال مالك : لا تكون القسامة إلا بأن يقول المصاب : فلان قتلني عمدا ، فإذا قال ذلك ثم مات قبل أن يفيق : حلف خمسون من أوليائه قياما في المسجد الجامع ، مستقبلين القبلة : لقد قتله فلان عمدا ؟ فإذا حلفوا ، فإن حلفوا على واحد فلهم القود منه ، وإن حلفوا على جماعة لم يكن لهم القود إلا من واحد ، ويضرب الباقون مائة مائة ، ويسجنون سنة - فإن شهد شاهد واحد عدل : بأن فلانا قتل فلانا كانت القسامة أيضا كما ذكرنا .

وكذلك إن شهد لوث من نساء أو غير عدول ، فإن لم يكونوا خمسين ردت عليهم الأيمان حتى يتم خمسين - ولا يحلف في القسامة أقل من اثنين فإن كان القائل : فلان قتلني ، غير بالغ ، فلا قسامة في ذلك ، ولا قود ، ولا غرامة : قال : فإن نكل جميع أولياء القتيل حلف المدعى عليهم خمسين يمينا ، فإن لم يبلغوا خمسين ردت الأيمان عليهم ، فإن لم يوجد إلا المدعى عليه وحده حلف خمسين يمينا وبرئ ، فإن نكل أحد ممن له العفو من الأولياء : بطلت القسامة ووجبت [ ص: 301 ] الأيمان على المدعى عليهم - ولا قسامة في قتيل وجد في دار قوم ، ولا غرامة ، ولا في دعوى عبد : أن فلانا قتله .

وفي دعوى المريض : أن فلانا قتلني خطأ روايتان : إحداهما : أن في ذلك القسامة - والأخرى : لا قسامة في ذلك ولا في كافر .

وقال الشافعي : لا قسامة في دعوى إنسان : أن فلانا قتلني أصلا سواء قال عمدا أو خطأ - ولا غرامة في ذلك - وإنما القسامة في قتيل وجد بين دور قوم كلهم عدو للمقتول ، فادعى أولياؤه عليهم ، فإن أولياء القتيل يبدءون فيحلف منهم خمسون رجلا يمينا يمينا : أنهم قتلوه عمدا أو خطأ ، فإن نقص عددهم ردت الأيمان ، فإن لم يكن إلا واحد حلف خمسين يمينا ، واستحقت الدية على سكان تلك الدور ، ولا يستحق بالقسامة قود أصلا - وإن شهد واحد عدل ، أو جماعة متواترة غير عدول أن فلانا قتل فلانا ، فتجب القسامة كما ذكرنا ، والدية - أو وجد قتيل في زحام فالقسامة أيضا ، والدية ، كما ذكرنا .

وقال أصحابنا : إن وجد قتيل في دار قوم أعداء له ، وادعى أولياؤه على واحد منهم : حلف خمسون منهم ، واستحقوا القود أو الدية - ولا قسامة ، إلا في مسلم حر .

قال أبو محمد رحمه الله : فهذه أقوال الفقهاء المتأخرين قد ذكرنا منها ما يسر الله تعالى - ونذكر الآن الأخبار الصحاح الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القسامة مجموعة كلها في مكان واحد ، مستقصاة ; ليلوح الحق بها من الخطأ ، ولتكون شاهدة لمن أصاب ما فيها بأنه وفق للصواب - بمن الله تعالى وشاهدة لمن خالف ما فيها بأنه يسر للخطأ مجتهدا - إن كان ممن سلف ، وعاصيا إن كان مقلدا - وقامت الحجة عليه ، وإنما جمعنا ما ذكرنا من أقوال الصحابة - رضي الله عنهم - ومن أقوال التابعين - رحمهم الله - ومن أقوال الفقهاء بعدهم ، ثم أتينا بالأحاديث الصحاح ما يسر الله تعالى منها ، الواردة في ذلك ; لأن أحكام القسامة متداخلة في كل ذلك : وقد روينا من طريق البخاري - نا أبو نعيم الفضل بن دكين نا سعيد بن عبيد { عن بشير بن يسار ، زعم : أن رجلا من الأنصار - يقال له : سهل بن أبي حثمة - أخبره [ ص: 302 ] أن نفرا من قومه انطلقوا إلى خيبر فتفرقوا فيها ، ووجد أحدهم قتيلا ، وقالوا للذين وجد فيهم : قتلتم صاحبنا ؟ قالوا : ما قتلنا ، ولا علمنا قاتلا ، فانطلقوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله انطلقنا إلى خيبر فوجدنا أحدنا قتيلا ، فقال : الكبر الكبر فقال لهم : تأتون بالبينة على من قتله ؟ قالوا : ما لنا بينة . قال : فتحلفون خمسين يمينا فتستحقون صاحبكم أو قاتلكم . قالوا : كيف نحلف ولم نشهد ؟ قال : فتبريكم يهود بخمسين يمينا ؟ قالوا : وكيف نقبل أيمان قوم كفار ؟ قالوا : لا نرضى بأيمان اليهود ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه فوداه بمائة من إبل الصدقة } .

ومن طريق مسلم - نا قتيبة بن سعيد نا الليث بن سعد عن يحيى - هو ابن سعيد الأنصاري - عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة ، قال يحيى : وحسبته قال : وعن رافع بن خديج أنهما قالا : { خرج عبد الله بن سهل بن زيد ومحيصة بن مسعود بن زيد حتى إذا كانا بخيبر تفرقا في بعض ما هنالك ، ثم إذا محيصة يجد عبد الله بن سهل قتيلا فدفنه - ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وحويصة بن مسعود ، وعبد الرحمن بن سهل - وكان أصغر القوم - فذهب عبد الرحمن ليتكلم قبل صاحبيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر الكبر في السن فصمت وتكلم صاحباه وتكلم معهما فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مقتل عبد الله بن سهل فقال لهم : أتحلفون خمسين يمينا فتستحقون صاحبكم أو قاتلكم ؟ قالوا : كيف نحلف ولم نشهد ؟ قال : فتبريكم يهود بخمسين يمينا ؟ قالوا : وكيف نقبل أيمان قوم كفار ؟ فلما رأى ذلك رسول الله أعطاه عقله } .

ومن طريق مسلم - نا عبد الله بن عمر القواريري نا حماد بن زيد نا يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة ، ورافع بن خديج { أن محيصة بن مسعود ، وعبد الله بن سهل انطلقا قبل خيبر فتفرقا في النخل فقتل عبد الله بن سهل ، فاتهموا اليهود فجاء إخوة عبد الرحمن ، وابن عمه حويصة ، ومحيصة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتكلم عبد الرحمن في أمر أخيه - وهو أصغر القوم - فقال رسول الله كبر الكبر ، أو قال : ليبدأ الأكبر ؟ فتكلما في أمر صاحبهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته ؟ فقالوا : أمر لم نشهده كيف نحلف ؟ قال : فتبريكم يهود [ ص: 303 ] بأيمان خمسين منهم ؟ قالوا : يا رسول الله وكيف نقبل بأيمان قوم كفار ؟ قال : فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبله مائة من الإبل ، قال سهل : فدخلت مريدا لهم فركضتني ناقة من تلك الإبل ركضة برجلها } ، قال حماد : هذا ، أو نحوه .

قال أبو محمد رحمه الله : فشك يحيى في رواية الليث : هل ذكر بشير بن يسار ، ورافع بن خديج مع سهل بن أبي حثمة أو لم يذكر ؟ ولم يشك في رواية حماد بن زيد عنه في أن رافعا روى عنه هذا الخبر بشير ، وكلا الرجلين ثقة ، حافظ ، وحماد أحفظ من الليث ، والروايتان معا صحيحتان .

فصح - أن يحيى شك مرة : هل ذكر بشير رافعا مع سهل أم لا ؟ وقطع يحيى مرة في أن بشيرا ذكر رافعا مع سهل ، ولم يشك ؟ فهي زيادة من حماد ، وزيادة العدل مقبولة .

ومن طريق مسلم نا إسحاق بن منصور نا بشير بن عمر قال : سمعت مالك بن أنس .

وناه أيضا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب نا أحمد بن عمرو بن السرح ، ومحمد بن مسلمة ; قال أحمد : نا محمد بن وهب ، وقال محمد : نا ابن القاسم ، ثم اتفق ابن وهب ، وابن القاسم ، وبشير بن عمر ، كلهم يقول : نا مالك بن أنس نا أبو ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره عن رجال من كبراء قومه : { أن عبد الله بن سهل ، ومحيصة ، خرجا إلى خيبر من جهد أصابهما فأتى محيصة فأخبر : أن عبد الله بن سهل قد قتل وطرح في عين أو في فقير ، فأتى يهود فقال : أنتم والله قتلتموه ، قالوا : والله ما قتلناه ، ثم أقبل حتى قدم على قومه ، فذكر لهم ذلك ، ثم أقبل هو وأخوه حويصة - وهو أكبر منه - وعبد الرحمن بن سهل فذهب محيصة ليتكلم - وهو الذي كان بخيبر - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحيصة : كبر كبر - يريد السن - فتكلم حويصة ، ثم تكلم محيصة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب ، فكتب رسول الله إليهم في ذلك ، فكتبوا : إنا والله ما قتلناه ، فقال رسول الله أتحلفون ؟ وتستحقون دم صاحبكم ؟ قالوا : لا قال : فتحلف لكم يهود ؟ قالوا : ليسوا مسلمين ، فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من [ ص: 304 ] عنده ، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ناقة ، حتى دخلت عليهم الدار ، قال سهل : فلقد ركضني منها ناقة حمراء } .

ومن طريق سفيان بن عيينة نا يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة قال : { وجد عبد الله بن سهل قتيلا فجاء أخوه ، وحويصة ، ومحيصة ، وهما عما عبد الله بن سهل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب عبد الرحمن يتكلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبر الكبر ، قالوا : يا رسول الله إنا وجدنا عبد الله بن سهل قتيلا في قليب - يعني من قلب خيبر - قال النبي عليه الصلاة والسلام : من تتهمون ؟ قالوا : نتهم يهود ، قال : فتقسمون خمسين يمينا : أن اليهود قتلته ، قالوا : وكيف نقسم على ما لم نر ؟ قال : فتبريكم اليهود بخمسين يمينا : أنهم لم يقتلوه ، قالوا : وكيف نرضى بأيمانهم وهم مشركون ؟ فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده } .

ومن طريق مسلم نا أبو الطاهر نا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، وسليمان بن يسار مولى ميمونة زوج النبي عليه السلام عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية } .

ومن طريق أحمد بن شعيب أنا محمد بن هاشم البعلبكي نا الوليد بن مسلم نا الأوزاعي عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وسليمان بن يسار عن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أن القسامة كانت في الجاهلية فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما كانت عليه ، وقضى بها بين أناس من الأنصار في قتيل ادعوه على يهود خيبر } .

قال أبو محمد رحمه الله : فهذه الأخبار مما صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم في القسامة ، لم يصح عنه إلا هي أصلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية