صفحة جزء
2185 مسألة : اعتراف العبد بما يوجب الحد ؟ قال أبو محمد رحمه الله : اختلف الناس في هذا ؟ فنظرنا في ذلك فوجدنا أصحابنا يقولون : قال الله تعالى { ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى } والعبد مال من مال سيده فاعترافه بما يجب إبطال بعض مال سيده كسب على غيره ، فلا يجوز بنص القرآن ؟ قال أبو محمد رحمه الله : وهذا احتجاج صحيح إن لم يأت ما يدفعه : فنظرنا فوجدنا الله تعالى يقول { كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين } فأمر الله تعالى بقبول شهادة المرء على نفسه وعلى والديه ، [ ص: 64 ] وأقربائه - ولم يختلف الناس في أن شهادة المرء على نفسه مقبولة - دون آخر معه دون يمين - تلزمه ، سواء كان فاسقا ، أو عدلا - مؤمنا كان أو كافرا - وأن شهادته على غيره لا تقبل إلا بشرط العدالة ، وبأن يكون معه غيره ، أو يمين الطالب - على حسب اختلاف الناس في ذلك - ولم يخص الله تعالى عبدا من حر ، فلما ورد هذان النصان من عند رب العالمين : وجب أن ننظر في استعمالهما ؟ فوجدنا أصحابنا يقولون : هو شاهد على نفسه ، كاسب على غيره : فلا يقبل ، ووجدنا من خالفهم بقول : بل هو شاهد على نفسه ، كاسب عليها ، وإن أدى ذلك إلى نقص في مال سيده ، ولم يقصد الشهادة على مال سيده ؟ فنظرنا في هذين الاستعمالين - إذ لا بد من استعمال أحدهما - فوجدنا قول أصحابنا في أنه كاسب على غيره إنما يصح بواسطة ، وبإنتاج ، لا بنفس الإقرار ؟ ووجدنا قول من خالفهم يصح بنفس القصة ، لأنه إنما أقر على نفسه بنفس لفظه - وهو ظاهر مقصده - وإنما يتعدى ذلك إلى السيد بتأويل لا بظاهر إقراره ؟ فكان هذا أصح الاستعمالين ، وأولاهما

ولو كان ما قالوه أصحابنا لوجب أن لا يحد العبد في زنى ، ولا في سرقة ، ولا في خمر ، ولا في قذف ، ولا في حرابة - وإن قامت بذلك بينة - وأن لا يقتل في قود ، لأنه في ذلك كاسب على غيره ، وفي الحد عليه إتلاف لمال سيده ؟ وهذا ما لا يقولونه ، لا هم ولا غيرهم

التالي السابق


الخدمات العلمية