صفحة جزء
2215 - مسألة : امرأة تزوجت في عدتها ؟ ومن طلق ثلاثا قبل الدخول أو بعده ثم وطئ ؟ قال أبو محمد رحمه الله : روي عن سعيد بن المسيب : أن امرأة تزوجت في عدتها فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فضربها دون الحد ، وفرق بينهما .

وعن الشعبي أنه قال : في امرأة نكحت في عدتها عمدا ، قال : ليس عليها حد - وعن إبراهيم النخعي بمثله ؟ قال أبو محمد رحمه الله : والإسناد إلى عمر منقطع ، لأن سعيدا لم يلحق عمر - رضي الله عنه - سماعا إلا نعيه النعمان بن مقرن على المنبر .

ولا تخلو الناكحة في عدتها بأن تكون عالمة بأن ذلك لا يحل ، أو تكون جاهلة بأن ذلك محرم ، أو غلطت في العدة : فإن كانت جاهلة ، أو غلطت في العدة : فلا [ ص: 193 ] شيء عليها ، لأنها لم تعمد الحرام ، والقول قولها في الغلط على كل حال - فإن كانت عالمة بأن ذلك لم يحل ، ولم تغلط في العدة : فهي زانية وعليها الرجم - وقد يمكن أن يضربها عمر - رضي الله عنه - تعزيرا لتركها التعلم من دينها ما يلزمها ; فهو مكان التعزير .

وأما من أسقط الحد في العمد في ذلك ، فإنه إن طرد قوله لزمه المصير إلى قول أبي حنيفة في سقوط الحد عمن تزوج أمه - وهو يدري أنها أمه وأنها حرام - وعمن تزوج ابنته كذلك ، أو أخته كذلك ، وتزوج نساء الناس - وهن تحت أزواجهن عمدا دون طلاق ، ولا فسخ - وهذا هو الإطلاق على الزنى ، بل هو الاستخفاف بكتاب الله تعالى ، وأما من أسقط الحد في بعض ذلك وأوجبه في بعض ، فتناقض .

فإن تعلقوا بعمر فقد قلنا : إنه ليس في الأثر عن عمر أنها كانت عالمة بانقضاء العدة ولا بالتحريم - فلا متعلق لهم بذلك ؟ قال أبو محمد رحمه الله : والقول في ذلك كله واحد ، وهو أن كل عقد فاسد لا يحل ، فالفرج به لا يحل ، ولا يصح به زواج ، فهما أجنبيان كما كانا ، والوطء فيه من العالم بالتحريم زنى مجرد محض ، وفيه الحد كاملا من : الرجم أو الجلد ، أو التعزير - ولا يلحق فيه ولد أصلا ولا مهر فيه ، ولا شيء من أحكام الزوجية - وإن كان جاهلا فلا حد ، ولا يقع في ذلك شيء من أحكام الزوجية إلا لحاق الولد فقط ، للإجماع - وبالله تعالى التوفيق .

وأما من طلق ثلاثا ثم وطئ فإن كان عالما أن ذلك لا يحل ، فعليه حد الزنى كاملا وعليها كذلك ، لأنها أجنبية ، فإن كان جاهلا ، فلا شيء عليه ، ولا يلحق الولد هاهنا ، لأنه وطئ فيما لا عقد له معها - لا صحيحا ولا فاسدا - وبالله تعالى التوفيق

التالي السابق


الخدمات العلمية