صفحة جزء
2226 - مسألة : كم الطائفة التي تحضر حد الزاني أو رجمه ؟

قال أبو محمد رحمه الله : قال الله تعالى { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } قال { ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين } .

فصح أن عذاب الزناة الجلد ، ومع الجلد الرجم والنفي .

ثم اختلف العلماء في مقدار الطائفة التي افترض الله تعالى أن تشهد العذاب المذكور - فقالت طائفة : هي واحد من الناس ، فإن زاد فجائز - وهو قول ابن عباس .

كما روى الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : الطائفة رجل ، وبهذا يقول أصحابنا .

وقالت طائفة : الطائفة اثنان فصاعدا . كما روينا عن عطاء قال : اثنان فصاعدا - وبه يقول إسحاق بن راهويه .

[ ص: 218 ] وقالت طائفة : ثلاثة فصاعدا ، كما روينا عن ابن شهاب . وقال ابن وهب : سمعت شمر بن نمير يحدث عن الحسين بن عبيد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب مثله - سواء سواء - أن الطائفة ثلاثة فصاعدا - وبه يقول الشافعي في أحد قوليه .

وقالت طائفة : الطائفة - نفر دون أن يحدوا عددا ، كما روينا عن معمر عن قتادة أنه سمع { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } قال : نفر من المسلمين .

وقالت طائفة : الطائفة - أربعة فصاعدا ، كما روينا عن الليث بن سعد . وقالت طائفة : الطائفة - خمسة فصاعدا ، كما روينا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن .

وقالت طائفة : الطائفة - عشرة ، كما روي عن الحسن البصري أنه قال : الطائفة عشرة ؟ قال أبو محمد رحمه الله : فلما اختلفوا - كما ذكرنا - وجب أن ننظر في ذلك فوجدنا جميع الأقوال لا يحتج بها إلا قول مجاهد ، وابن عباس ، وهو أن الطائفة : واحد فصاعدا - فوجدناه قولا يوجبه البرهان من القرآن ، والإجماع ، واللغة .

فأما القرآن - فإن الله تعالى يقول { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى } الآية ، فبين تعالى نصا جليا أنه أراد بالطائفتين هنا الاثنين فصاعدا : بقوله في أول الآية ( اقتتلوا ) وبقوله تعالى { فإن بغت إحداهما على الأخرى } وبقوله تعالى في آخر الآية { فأصلحوا بين أخويكم } وبرهان آخر - وهو أن الله تعالى قال { : وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } وبيقين ندري أن الله تعالى لو أراد بذلك عددا من عدد لبينه ، ولأوقفنا عليه ، ولم يدعنا نخبط فيه خبط عشواء ، حتى نتكهن فيه الظنون الكاذبة ، حاش لله تعالى من هذا - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية