صفحة جزء
2254 - مسألة : قال أبو محمد رحمه الله : من قذف زوجته فأخذ في اللعان ، فلما شرع فيه ومضى بعضه - أقله ، أو أكثره ، أو جله - أعاد قذفها قبل أن تتم هي التعانها ، فلا بد له من ابتداء اللعان ; لأن الله تعالى يقول { والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم } الآية . فلم يجعل الله تعالى الالتعان إلا بعد رمي الزوجة ، فلا بد بعد رمي الزوجة بأن يأتي بما أمر الله تعالى به ، كما أمر به ، وهي ما لم تتم التعانها بعد تمام التعانه زوجته كما كانت ، فهو في تجديد قذفها رام زوجته ، فلا بد له من شهادة أربع شهادات والخامسة ، فإن أبى ونكل : حد المقذوف ولا بد - فإن رماها بزنا يتيقن أنه كاذب فيه حد ولا لعان أصلا ; لأن الله تعالى يقول { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على [ ص: 271 ] الإثم والعدوان }

وليس من الإثم والعدوان أكثر من أن يكلف أن يأتي بأيمان كاذبة ، يوقن من حضر أو الحاكم : أنه فيها قاذف ، فهذا عون على الإثم والعدوان . وقال تعالى { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } وهي مع ذلك امرأته كما كانت ولا فرقة إلا بعد أن يتم التعانهما على ما ذكرنا . فلو رماها وأيقن الحاكم أنه صادق فلا يحل له الحكم باللعان أيضا ، لكن يقام الحد عليها وهي امرأته - كما كانت - يرثها وترثه لما ذكرنا من أنه لا فرقة إلا بعد التعانهما . فصح بهذا أنه لا لعان فيمن رمى امرأته بزنا ممكن أن يكون فيه صادقا ، ويمكن أن يكون فيه كاذبا - فأما إذا تيقن كذبه فلا يحل تعطيل واجب حد الله عنه ، ولا يحل عونه على الأيمان الكاذبة الآثمة ، ولا يحل أمره بها - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية