صفحة جزء
2277 - مسألة : من سرق المصحف ؟ قال أبو محمد رحمه الله : قال أبو حنيفة ، وأصحابه ، لا قطع على من سرق مصحفا - سواء كانت عليه حلية فضة تزن مائتي درهم ، أو أكثر ، أو أقل أو لم تكن .

وقال مالك ، والشافعي ، وأصحابنا : عليه القطع ؟ قال أبو محمد رحمه الله : واحتج من لم ير القطع بأن قال : إن له فيه حق التعليم ; لأنه ليس له منعه عمن احتاج إليه . قال : فلما كان له فيه حق كان كمن سرق من بيت المال . قال : والفضة تبع ; لأنها تدخل في بيعه ، كما يدخل في بيعه الجلد ، والدفتان - وهذا كلام في غاية الفساد والباطل : أول ذلك - قولهم : لأن له فيه حق التعليم - وقد كذب ، إنما حق المتعلم في التلقين فقط ، لا في مصحف الناس أصلا ، إذ لم يوجبه قرآن ، ولا سنة ، ولا إجماع . [ ص: 326 ]

وإنما فرض على الناس تعليم بعضهم بعضا القرآن - تدريسا وتحفيظا - وهكذا كان جميع الصحابة - رضي الله عنهم - في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا خلاف من أحد ، أنه لم يكن هنالك مصحف ، وإنما كانوا يلقنه بعضهم بعضا ، ويقرئه بعضهم بعضا ، فمن احتاج منهم أن يقيد ما حفظ كتبه في الأديم ، وفي اللخاف ، والألواح ، والأكتاف فقط . فبطل قوله " إن للسارق حقا في المصحف " وصح أن لصاحب المصحف منعه من كل أحد ، إذ لا ضرورة بأحد إليه ؟ قال أبو محمد رحمه الله : فصح أن القطع واجب في سرقة المصحف - كانت عليه حلية أو لم تكن - لقول الله تعالى { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } ؟ قال أبو محمد رحمه الله : ويلزمهم أن لا يوجبوا القطع على من سرق كتب العلم - وهذا خطأ ، بل القطع في كل ذلك واجب - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية