صفحة جزء
2288 - مسألة : صفة قطع اليد ؟ قد ذكرنا عن علي رضي الله عنه في قطع الأصابع من اليد ، وقطع نصف القدم من الرجل .

وذكرنا قول عمر رضي الله عنه وغيره في قطع كل ذلك من المفصل .

وأما الخوارج - فرأوا في ذلك قطع اليد من المرفق ، أو المنكب ؟ قال أبو محمد رحمه الله : واحتجوا في ذلك بقول الله تعالى { فاقطعوا أيديهما } . [ ص: 355 ] قالوا : واليد في لغة العرب اسم يقع على ما بين المنكب إلى طرف الأصابع ، وهذا - وإن كان أيضا كما ذكرنا عنهم - فإن اليد أيضا تقع على الكف ، وتقع على ما بين الأصابع إلى المرفق ، فإذ ذلك كذلك فإنما يلزمنا أقل ما يقع عليه اسم يد ; لأن اليد محرمة قطعها قبل السرقة ، كما جاء النص بقطع اليد ، فواجب أن لا يخرج من التحريم المتيقن المتقدم شيء ، إلا ما تيقن خروجه ، ولا يقين إلا في الكف ، فلا يجوز قطع أكثر منها .

وهكذا وجدنا الله تعالى إذ أمرنا في التيمم بما أمر ، إذ يقول تعالى { فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه }

ففسر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مراد الله تعالى بذكر الأيدي هاهنا ، وأنه الكفان فقط ، على ما قد أوردناه .

وصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الفرق بين حد الحر ، وبين حد العبد على ما قد ذكرناه فإذ قد نص عليه السلام على أن حد العبد بخلاف حد الحر ، فهذا عموم لا ينبغي أن يخص منه شيء بغير نص ، ولا إجماع .

فالواجب - إن سرق العبد - أن تقطع أنامله فقط ، وهو نصف اليد فقط ، وإن سرق الحر قطعت يده من الكوع هو المفصل - وأما في المحاربة فتقطع يد الحر من المفصل ، ورجله من المفصل ، وتقطع من العبد أنامله من اليد ، ونصف قدمه من الساق - كما روي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه نأخذ من قول كل قائل ما وافق النص ، ونترك ما لم يوافقه - وبالله تعالى التوفيق .

وأما أي اليدين تقطع ؟ فإن عبد الله بن ربيع ثنا ، قال : ثنا ابن مفرج ثنا قاسم بن أصبغ ثنا ابن وضاح ثنا سحنون ثنا ابن وهب عن مخرمة بن بكير بن الأشج عن أبيه عن نافع مولى ابن عمر ، قال : سرق سارق بالعراق في زمان علي بن أبي طالب ، فقدم ليقطع يده ، فقدم السارق يده اليسرى - ولم يشعروا - فقطعت ، فأخبر علي بن أبي طالب خبره فتركه ولم يقطع يده الأخرى - وبهذا يقول مالك ، وأبو حنيفة - وقال بعض أصحابنا : على متولي القطع دية اليد - وقال قائلون : تقطع اليمنى .

واحتجوا أن الواجب قطع اليمنى - واحتجوا في ذلك بقراءة ابن مسعود " والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما " . [ ص: 356 ]

والقراءة غير صحيحة ، وادعوا إجماعا - وهو باطل يرده قطع علي الشمال عن اليمين واكتفاؤه بذلك ، فلو وجب قطع اليمين لما أجزأ عن ذلك قطع الشمال ، كما لا يجزئ الاستنجاء باليمين ، ولا الأكل بالشمال ، ولا نص إلا وجوب قطع اليد ، أو الأيدي ، في الكتاب والسنة ، إلا أننا نستحب قطع اليمين ، للأثر عنه - عليه السلام - أنه { كان يجب التيمن في شأنه كله } .

التالي السابق


الخدمات العلمية