246 - مسألة : 
ومن 
كان محبوسا في حضر أو سفر بحيث لا يجد ترابا ولا ماء أو  [ ص: 363 ] كان مصلوبا وجاءت الصلاة فليصل كما هو وصلاته تامة ولا يعيدها ، سواء وجد الماء في الوقت أو لم يجده إلا بعد الوقت . 
برهان ذلك قول الله تعالى : { 
فاتقوا الله ما استطعتم   } وقوله تعالى : { 
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها   } وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=9510إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم   } وقوله تعالى : { 
وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه   } فصح بهذه النصوص أنه لا يلزمنا من الشرائع إلا ما استطعنا ، وأن ما لم نستطعه فساقط عنا ، وصح أن الله تعالى حرم علينا ترك الوضوء أو التيمم للصلاة إلا أن نضطر إليه ، والممنوع من الماء والتراب مضطر إلى ما حرم عليه من ترك التطهر بالماء أو التراب ، فسقط عنا تحريم ذلك عليه ، وهو قادر على الصلاة بتوفيتها أحكامها وبالإيمان ، فبقي عليه ما قدر عليه ، فإذا صلى كما ذكرنا فقد صلى كما أمره الله تعالى ، ومن صلى كما أمره الله تعالى فلا شيء عليه ، والمبادرة إلى الصلاة في أول الوقت أفضل لما ذكرنا قبل . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة   nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري  والأوزاعي  فيمن هذه صفته : لا يصلي حتى يجد الماء متى وجده . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة    : فإن قدر على التيمم تيمم وصلى ، ثم إذا وجد الماء أعاد ولا بد متى وجده ، وإن خشي الموت من البرد تيمم وصلى وأجزأه . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف   nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن   nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي    : يصلي كما هو ، فإذا وجد الماء أعاد متى وجده ، فإن قدر في المصر على التراب تيمم وصلى ، وأعاد أيضا ولا بد إذا وجد الماء . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر  في المحبوس في المصر بحيث لا يجد ماء ولا ترابا أو بحيث يجد التراب : إنه لا يصلي أصلا حتى يجد الماء ، لا بتيمم ولا بلا تيمم ، فإذا وجد الماء توضأ وصلى تلك الصلوات ، وقال بعض أصحابنا : لا يصلي ولا يعيد ، وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور    : يصلي كما هو ولا يعيد . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064علي    : أما قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  فظاهر التناقض ، لأنه لا يجيز الصلاة بالتيمم في المصر لغير المريض وخائف الموت ، كما لا يجيز له الصلاة بغير الوضوء والتيمم ولا فرق ، ثم فرق بينهما - وكلاهما عنده لا تجزيه صلاته - فأمر أحدهما بأن يصلي صلاة  
[ ص: 364 ] لا تجزيه ، وأمر الآخر بأن لا يصليها ، وهذا خطأ لا خفاء به ، فسقط هذا القول سقوطا لا خفاء به ، وما له حجة أصلا يمكن أن يتعلق بها . 
وأما قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف   nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد  فخطأ ، لأنهما أمراه بصلاة لا تجزيه ولا لها معنى ، فهي باطل ، وقد قال الله تعالى : { 
ولا تبطلوا أعمالكم   } 
وأما قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر  فخطأ أيضا ، لأنه أمره بأن لا يصلي في الوقت الذي أمر الله تعالى بالصلاة فيه ، وأمره أن يصلي في الوقت الذي نهاه الله تعالى عن تأخيره الصلاة إليه ، وقد أمره الله تعالى بالصلاة في وقتها أوكد أمر وأشده ، قال الله تعالى : { 
فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم   } فلم يأمر تعالى بتخلية سبيل الكافر حتى يتوب من الكفر ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ، فلا يحل ترك ما هذه صفته عن الوقت الذي لم يفسح تعالى في تأخيره عنه ، فظهر فساد قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر  وكل من أمره بتأخير الصلاة عن وقتها . 
وأما من قال : لا يصلي أصلا فإنهم احتجوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=47616لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ   } وقال عليه السلام { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=31850لا يقبل الله صلاة بغير طهور   } قالوا : فلا نأمره بما لم يقبله الله تعالى منه ، لأنه في وقتها غير متوضئ ولا متطهر ، وهو بعد الوقت محرم عليه تأخير الصلاة عن وقتها . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064علي    : هذا كان أصح الأقوال ، لولا ما ذكرنا من أن النبي صلى الله عليه وسلم أسقط عنا ما لا نستطيع مما أمرنا به ، وأبقى علينا ما نستطيع ، وأن الله تعالى أسقط عنا ما لا نقدر عليه ، وأبقى علينا ما نقدر عليه ، بقوله تعالى { 
   : فاتقوا الله ما استطعتم   } فصح أن قوله عليه السلام : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=47616لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ   } و { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=47740لا يقبل الله صلاة إلا بطهور   } إنما كلف ذلك من يقدر على الوضوء أو الطهور بوجود الماء أو التراب ، لا من لا يقدر على وضوء ولا تيمم ، هذا هو نص القرآن والسنن ، فلما صح ذلك سقط عنا تكليف ما لا نطيق من ذلك ، وبقي علينا تكليف ما نطيقه ، وهو الصلاة فإذ ذلك كذلك فالمصلي كذلك مؤد ما أمر به ، ومن أدى ما أمر به فلا قضاء عليه . وبالله تعالى التوفيق . 
فكيف وقد جاء في هذا نص كما حدثنا 
عبد الله بن ربيع  ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12761ابن السليم  ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي  ثنا 
أبو داود  ثنا 
النفيلي  ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12156أبو معاوية  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة  عن أبيه عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة   [ ص: 365 ] قالت : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=47741بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم  nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد بن الحضير  وأناسا معه في طلب قلادة أضلتها  nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة  ، فحضرت الصلاة فصلوا بغير وضوء ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له ، فأنزلت آية التيمم .   } 
حدثنا 
عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد  ثنا 
إبراهيم بن أحمد  ثنا 
الفربري  ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  ثنا 
زكريا بن يحيى  ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13608ابن نمير - هو عبد الله    - ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة  عن أبيه { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=47742عن  nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة  أنها استعارت من  nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء  قلادة فهلكت ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فوجدها ، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا ، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى آية التيمم   } فهذا 
أسيد  وطائفة من الصحابة مع حكم الله تعالى ورضاء نبيه صلى الله عليه وسلم . وبالله تعالى التوفيق .