صفحة جزء
247 - مسألة :

ومن كان في سفر ولا ماء معه أو كان مريضا يشق عليه استعمال الماء فله أن يقبل زوجته وأن يطأها ، وهو قول ابن عباس وجابر بن زيد والحسن البصري وسعيد بن المسيب وقتادة وسفيان الثوري والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وداود ، وجمهور أصحاب الحديث .

وروي عن علي وابن مسعود وابن عوف وابن عمر النهي عن ذلك ، وقال عطاء إن كان بينه وبين الماء ثلاث ليال فأقل فلا يطؤها ، وإن كان بينه وبين الماء أربع ليال فله أن يطأها وقال الزهري إن كان مسافرا فلا يطؤها له وإن كان مغربا رحالا فله أن يطأها ، وإن كان لا ماء معه . وقال مالك : إن كان مسافرا فلا يطؤها ولا يقبلها إن كان على وضوء ، فإن كان به جراح يكون حكمه معها التيمم فله أن يطأها ويقبلها ، لأن أمر هذا يطول .

قال : فإن كانت حائضا فطهرت فتيممت وصلت فليس لزوجها أن يطأها . قال : وكذلك لا يطؤها وإن كانت طاهرا متيممة .

قال علي : أما تقسيم عطاء فلا وجه له ، لأنه لم يوجب ذلك الحد قرآن ولا سنة وكذلك تقسيم الزهري ، وأما قول مالك فكذلك أيضا ، لأنه تفريق لم يوجبه قرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ولا إجماع ولا قول صاحب لم يخالف ولا قياس ولا احتياط ، لأن الله تعالى سمى التيمم طهرا ، والصلاة به جائزة ، وقد حض الله تعالى على [ ص: 366 ] مباضعة الرجل امرأته ، وصح أنه مأجور في ذلك ، وما خص الله تعالى بذلك من حكمه التيمم ممن حكمه الغسل أو الوضوء .

قال أبو محمد : والعجب أنه يرى أنه يجزئ للجنابة وللوضوء وللحيض تيمم واحد ، ثم يمنع المحدثة والمتطهرة من الحيض بالتيمم والمحدث أن يطأ امرأته فقد أوجب أنهما عملان متغايران ، فكيف يجزئ عنده عنهما عمل واحد قال علي : ولا حجة للمانع من ذلك أصلا ، لأن الله تعالى جعل نساءنا حرثا لنا ولباسا لنا ، وأمرنا بالوطء في الزوجات وذوات الأيمان ، حتى أوجب تعالى على الحالف أن يطأ امرأته أجلا محدودا - إما أن يطأ وإما أن يطلق ، وجعل حكم الواطئ والمحدث الغسل والوضوء إن وجد الماء ، والتيمم إن لم يجد الماء ، لا فضل لأحد العملين على الآخر ، وليس أحدهما بأطهر من الآخر ولا بأتم صلاة ، فصح أن لكل واحد حكمه ، فلا معنى لمنع من حكمه التيمم من الوطء ، كما لا معنى لمنع من حكمه الغسل من الوطء ، وكل ذلك في النص سواء ، ليس أحدهما أصلا والثاني فرعا ، بل هما في القرآن سواء . وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية