صفحة جزء
290 - مسألة : وأفضل الوتر من آخر الليل ، وتجزئ ركعة واحدة والوتر وتهجد الليل ينقسم على ثلاثة عشر وجها ، أيها فعل أجزأه ، وأحبها إلينا ، وأفضلها : أن نصلي ثنتي عشرة ركعة ، نسلم من كل ركعتين ثم نصلي ركعة واحدة ونسلم ؟ .

حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود ثنا القعنبي ثنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة : { أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة ، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين } .

والوجه الثاني : أن يصلي ثماني ركعات ، يسلم من كل ركعتين منها ، ثم يصلي خمس ركعات متصلات لا يجلس إلا في آخرهن ؟ .

حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا إسحاق بن إبراهيم ثنا عبدة بن سليمان ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة ، يوتر منهن بخمس ركعات ، لا يجلس في شيء من الخمس إلا في آخرهن ، ثم يجلس ويسلم } .

[ ص: 83 ] والثالث : أن يصلي عشر ركعات ، يسلم من آخر كل ركعتين ، ثم يوتر بواحدة ؟ .

حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج حدثني حرملة بن يحيى ثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء - وهي التي يدعو الناس العتمة - إلى الفجر إحدى عشرة ركعة ، يسلم من كل ركعتين ثم يوتر بواحدة } ؟ .

والرابع : أن يصلي ثماني ركعات ، يسلم من كل ركعتين ، ثم يوتر بواحدة : - لما رويناه من طريق مسلم : حدثنا محمد بن عباد ثنا سفيان بن عيينة ثنا الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه { أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل ؟ فقال : مثنى مثنى ، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة } .

[ ص: 84 - 85 ] والخامس : أن يصلي ثماني ركعات ، لا يجلس في شيء منهن جلوس تشهد إلا في آخرها ; فإذا جلس في آخرهن وتشهد : قام دون أن يسلم ; فأتى بركعة واحدة ، ثم يجلس ويتشهد ويسلم : - لما روينا عن مسلم : حدثنا محمد بن المثنى ثنا محمد بن أبي عدي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى أن { سعد بن هشام بن عامر أتى ابن عباس فسأله عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال له ابن عباس : ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : من ؟ قال : عائشة . فذكر سعد : أنه دخل على عائشة أم المؤمنين فسألها عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنها قالت له : إنه كان يصلي تسع ركعات ، لا يجلس فيها إلا في الثامنة ، ثم ينهض ولا يسلم ، ثم يقوم فيصلي التاسعة ، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ، ثم يسلم تسليما يسمعنا ، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم ، وهو قاعد ، فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم أوتر بسبع ; وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول } .

حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا عثمان بن عبد الله [ ص: 86 ] ثنا عبيد الله بن محمد ثنا حماد عن أبي حرة عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع ركعات ، يقعد في الثامنة ; ثم يقوم فيركع ركعة } ؟ .

والسادس : أن يصلي ست ركعات ، يسلم في آخر كل ركعتين منها ، ويوتر بسابعة ; لقوله عليه السلام { صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة } ؟ .

والسابع : أن يصلي سبع ركعات ، لا يجلس ولا يتشهد إلا في آخر السادسة منهن ، ثم يقوم دون تسليم فيأتي بالسابعة ، ثم يجلس ويتشهد ويسلم .

حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أخبرني زكرياء بن يحيى ثنا إسحاق أنا معاذ بن هشام الدستوائي ثنا أبي عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام بن عامر عن عائشة أم المؤمنين { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كبر وضعف أوتر بسبع ركعات ، لا يقعد إلا في السادسة ، ثم ينهض ولا يسلم فيصلي السابعة ، ثم يسلم تسليمة } وذكر الحديث .

[ ص: 87 ] والثامن : أن يصلي سبع ركعات ، لا يجلس جلوس تشهد إلا في آخرهن فإذا كان في آخرهن جلس وتشهد وسلم - لما روينا بالسند المذكور إلى أحمد بن شعيب : أنا إسماعيل بن مسعود الجحدري أنا خالد بن الحارث ثنا سعيد بن أبي عروبة ثنا قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام بن عامر أن عائشة أم المؤمنين قالت { لما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم صلى سبع ركعات لا يقعد إلا في آخرهن ، ثم يصلي ركعتين بعد أن يسلم } .

والتاسع : أن يصلي أربع ركعات ، يتشهد ويسلم من كل ركعتين ، ثم يوتر بواحدة ; لقوله عليه السلام : { صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة } .

والعاشر : أن يصلي خمس ركعات متصلات ; لا يجلس ، ولا يتشهد إلا في آخرهن - : لما روينا بالسند المذكور إلى أحمد بن شعيب : أنا إسحاق بن منصور أنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بخمس لا يجلس إلا في آخرهن } ؟ .

قال علي : وقد قال بهذا بعض السلف - : كما روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء ، أنه رأى عروة بن الزبير أوتر بخمس أو سبع ما جلس لمثنى - : [ ص: 88 ] ومن طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة قال : كذلك يوتر أهل البيت بخمس ، لا يجلس إلا في آخرهن - : وعن عبد الرزاق عن المعتمر بن سليمان التيمي عن ليث عن عطاء عن ابن عباس أنه قال : الوتر كصلاة المغرب ، إلا أنه لا يقعد إلا في الثالثة : قال علي : قول ابن عباس هذا لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا نقول به إذ لا حجة إلا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله أو عمله أو إقراره فقط ؟ .

والوجه الحادي عشر : أن يصلي ثلاث ركعات ، يجلس في آخر الثانية منهن ، [ ص: 89 ] ويتشهد ويسلم ، ثم يأتي بركعة واحدة ، يتشهد في آخرها ويسلم ; لقوله عليه السلام : { صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة } . وهذا قول مالك : وقد روى بعض الناس في هذا أثرا من طريق الأوزاعي عن المطلب بن عبد الله : أنه سأل ابن عمر عن الوتر ؟ فأمره أن يفصل بين الركعتين والركعة بتسليم ، فقال له الرجل : إني أخاف أن تكون البتيراء ؟ فقال له ابن عمر : أتريد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ .

والثاني عشر : أن يصلي ثلاث ركعات ، يجلس في الثانية ، ثم يقوم دون تسليم ويأتي بالثالثة ، ثم يجلس ويتشهد ويسلم ، كصلاة المغرب .

وهو اختيار أبي حنيفة - : لما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا إسماعيل بن مسعود ثنا بشر بن المفضل ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام بن عامر : أن عائشة أم المؤمنين حدثته " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان { لا يسلم في ركعتي الوتر } ؟ .

والثالث عشر : أن يركع ركعة واحدة فقط ، وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان وغيرهما - : لما حدثناه حمام بن أحمد ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا بكر بن حماد ثنا مسدد ثنا يحيى هو ابن سعيد القطان - ثنا شعبة ثنا قتادة عن أبي مجلز قال : سألت ابن عباس ، وابن عمر عن الوتر ؟ فكل واحد منهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ركعة من آخر الليل } .

[ ص: 90 ] وروينا عن سعد بن أبي وقاص ، وابن عباس ، ومعاوية ، وغيرهم : الوتر بواحدة فقط لا يزاد عليها شيء ، وكذلك أيضا عن عثمان أمير المؤمنين وحذيفة وابن مسعود وابن عمر ؟ قال علي : هذا كل ما صح عندنا ; ولو صح عندنا عن النبي صلى الله عليه وسلم زيادة على هذا لقلنا به - ، وبالله تعالى التوفيق .

ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن البتيراء ، ولا في الحديث - على سقوطه - بيان ما هي البتيراء ؟ ، وقد روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : الثلاث بتيراء - يعني في الوتر ; فعادت البتيراء على المحتج بالخبر الكاذب فيها .

فإن قيل : قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { صلاة المغرب وتر النهار ، فأوتروا صلاة الليل } ؟ .

قيل لهم : ليس في هذا الخبر أن يكون وتر الليل ثلاثا كوتر النهار ، وهذا كذب ممن ينسبه إلى إرادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قطعتم بذلك كذبتم وكنتم أيضا خالفتم ما قلتم ; لأنه يلزمكم أن تجهروا في الأوليين وتسروا في الثالثة كالمغرب ; وأن تقنتوا في المغرب كما تقنتون في الوتر ; أو أن لا تقنتوا في الوتر كما لا تقنتوا في المغرب ; والقياس كله [ ص: 91 ] باطل ، وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية