صفحة جزء
463 - مسألة : فإن رعف أحد ممن ذكرنا في صلاة - كما ذكرنا - فإن أمكنه أن يسد أنفه وأن يدع الدم يقطر على ما بين يديه ، بحيث لا يمس له ثوبا ولا شيئا من ظاهر جسده ، فعل وتمادى على صلاته ، ولا شيء عليه .

برهان ذلك - : أن الرعاف ليس حدثا على ما ذكرنا قبل ، فإذ ليس حدثا ، ولا مس له الدم ثوبا ، ولا ظاهر جسد فلم يعرض في طهارته ، ولا في صلاته شيء ؟ فإن مس الدم شيئا من جسده أو ثوبه فأمكنه غسل ذلك غير مستدبر القبلة فليغسله [ ص: 70 ] وهو متمادي في صلاته ، وصلاته تامة ، وسواء مشى إلى الماء كثيرا أو قليلا ؟ برهان ذلك - أن غسل النجاسة واجتناب المحرمات فرض بلا خلاف ، فهو في مشيه لذلك وفي عمله لذلك مؤدي فرض ، ولا تبطل الصلاة بأن يؤدي فيها ما أمر بأدائه ، لأنه لم يخالف ، بل صلى كما أمر ، ومن فعل ما أمر به فهو محسن ، وقد قال تعالى : { ما على المحسنين من سبيل }

فإن عجز عن ذلك : صلى كما هو ، وصلاته تامة ، لقول الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } فثبت أنه لا يكلف ما لا يستطيع

فإن تعمد استدبار القبلة لذلك : بطلت صلاته ، لأنه مخالف ما افترض الله تعالى عليه قاصدا إلى ذلك ؟ وقال مالك : إن أصابه الرعاف قبل أن يتم ركعة بسجدتيها : قطع صلاته وابتدأ ، وإن أصابه بعد أن أتم ركعة بسجدتيها : فليخرج فليغسل الدم ويرجع فيبني ؟ قال علي : وهذا تقسيم لم يأت به قرآن ولا سنة ، لا صحيحة ولا سقيمة ، ولا قول صاحب ولا قياس ، وما كان كذلك فلا معنى للاشتغال به

التالي السابق


الخدمات العلمية