صفحة جزء
495 - مسألة :

ومن أتى مسجدا قد صليت به صلاة فرض جماعة بإمام راتب وهو لم يكن صلاها : فليصلها في جماعة ، ويجزئه الأذان الذي أذن فيه قبل ، وكذلك الإقامة ، ولو أعادوا أذانا وإقامة : فحسن ، لأنه مأمور بصلاة الجماعة ، وأما الأذان [ ص: 155 ] والإقامة : فإنه لكل من صلى تلك الصلاة في ذلك المسجد ممن شهدهما أو ممن جاء بعدهما ؟ وهو قول أحمد بن حنبل ، وأبي سليمان ، وغيرهما ؟ وقال مالك : لا تصلى فيه جماعة أخرى إلا أن لا يكون له إمام راتب .

واحتج له مقلدوه بأنه قال هذا قطعا لأن يفعل ذلك أهل الأهواء ؟

قال علي : ومن كان من أهل الأهواء لا يرى الصلاة خلف أئمتنا فإنهم يصلونها في منازلهم ، ولا يعتدون بها في المسجد مبتدأة أو غير مبتدأة مع إمام من غيرهم .

فهذا الاحتياط لا وجه له ، بل ما حصلوا إلا على استعجال المنع مما أوجبه الله تعالى من أداء الصلاة في جماعة خوفا من أمر لا يكاد يوجد ممن لا يبالي باحتياطهم ؟ ولقد أخبرني يونس بن عبد الله القاضي قال : كان محمد بن بقي بن زرب القاضي إذا دخل مسجدا قد جمع فيه إمامه الراتب - وهو لم يكن صلى تلك الصلاة بعد - جمع بمن معه في ناحية المسجد ؟ قال علي : القصد إلى ناحية المسجد بذلك عجب آخر

قال علي : وأما نحن فإن من تأخر عن صلاة الجماعة لغير عذر ، لكن قلة اهتبال ، أو لهوى ، أو لعداوة مع الإمام - : فإننا ننهاه ، فإن انتهى وإلا أحرقنا منزله ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والعجب أن المالكيين يقولون : فإن صلوها فيه جماعة أجزأتهم فيا لله ويا للمسلمين أي راحة لهم في منعهم من صلاة جماعة تفضل صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة ؟ وهي عندهم جازية عمن صلاها فأي اختيار أفسد من هذا ؟

وروينا عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد عن الجعد أبي عثمان قال : جاءنا أنس بن مالك عند الفجر وقد صلينا فأقام وأم أصحابه ؟ وروينا أيضا : أنه كان معه نحو عشرة من أصحابه فأذن وأقام ثم صلى بهم .

وروينا أيضا : من طريق معمر وحماد بن سلمة عن أبي عثمان عن أنس وسماه حماد فقال : في مسجد بني رفاعة ؟

[ ص: 156 ] وعن ابن جريج قلت لعطاء : نفر دخلوا مسجد مكة خلاف الصلاة ليلا أو نهارا ، أيؤمهم أحدهم ؟ قال : نعم ، وما بأس ذلك ؟

وعن سفيان الثوري عن عبد الله بن يزيد : أمني إبراهيم في مسجد قد صلي فيه ، فأقامني عن يمينه بغير أذان ولا إقامة وعن معمر صحبت أيوب السختياني من مكة إلى البصرة ، فأتينا مسجد أهل ماء قد صلي فيه ، فأذن أيوب وأقام ثم تقدم فصلى بنا ؟ وعن حماد بن سلمة عن عثمان البتي قال : دخلت مع الحسن البصري وثابت البناني مسجدا قد صلى فيه أهله ، فأذن ثابت وأقام ، وتقدم الحسن فصلى بنا ، فقلت : يا أبا سعيد : أما يكره هذا ؟ قال : وما بأسه

قال علي هذا مما لا يعرف فيه لأنس مخالف من الصحابة رضي الله عنهم

وروينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة : ثنا عبدة بن سليمان عن سعيد بن أبي عروبة عن سليمان هو ابن الأسود الناجي عن أبي المتوكل هو علي بن داود الناجي عن أبي سعيد الخدري قال { جاء رجل وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أيكم يتجر على هذا ، فقام رجل فصلى معه }

قال علي : لو ظفروا بمثل هذا لطاروا به كل مطار

التالي السابق


الخدمات العلمية