صفحة جزء
518 - مسألة : فإن صلى مسافر بصلاة إمام مقيم قصر ولا بد ، وإن صلى مقيم بصلاة مسافر أتم ولا بد ، وكل أحد يصلي لنفسه ، وإمامة كل واحد منهما للآخر جائزة ولا فرق ؟

روينا من طريق عبد الرزاق عن سعيد بن السائب عن داود بن أبي عاصم قال : { سألت ابن عمر عن الصلاة في السفر ؟ فقال : ركعتان ؟ قلت : كيف ترى ونحن ههنا بمنى ؟ قال : ويحك سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنت به ؟ قلت : نعم ؟ قال فإنه كان يصلي ركعتين فصل ركعتين إن شئت أو دع - } وهذا بيان جلي بأمر ابن عمر المسافر أن يصلي خلف المقيم ركعتين فقط

ومن طريق شعبة عن المغيرة بن مقسم عن عبد الرحمن بن تميم بن حذلم . [ ص: 231 ] قال : كان أبي إذا أدرك من صلاة المقيم ركعة - وهو مسافر - صلى إليها أخرى ، وإذا أدرك ركعتين اجتزأ بهما ؟ قال علي : تميم بن حذلم من كبار أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه .

وعن شعبة عن مطر بن فيل عن الشعبي قال : إذا كان مسافرا فأدرك من صلاة المقيم ركعتين اعتد بهما ؟ وعن شعبة عن سليمان التيمي قال : سمعت طاوسا وسألته عن مسافر أدرك من صلاة المقيمين ركعتين ؟ قال : تجزيانه قال علي : برهان صحة قولنا ما قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من { أن الله تعالى فرض على لسانه صلى الله عليه وسلم صلاة الحضر أربعا وصلاة السفر ركعتين } .

حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا عبدة بن عبد الرحيم عن محمد بن شعيب أنا الأوزاعي عن يحيى هو ابن أبي كثير - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف حدثني عمرو بن أمية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : { إن الله قد وضع عن المسافر الصيام ونصف الصلاة } ولم يخص عليه السلام مأموما من إمام من منفرد { وما كان ربك نسيا } .

وقال تعالى : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى } .

قال علي : والعجب من المالكيين ، والشافعيين ، والحنفيين القائلين : بأن المقيم خلف المسافر يتم ولا ينتقل إلى حكم إمامه في التقصير ، وإن المسافر خلف المقيم ينتقل إلى حكم إمامه في الإتمام .

وهم يدعون أنهم أصحاب قياس بزعمهم ، ولو صح قياس في العالم لكان هذا [ ص: 232 ] أصح قياس يوجد ، ولكن هذا مما تركوا فيه القرآن والسنن والقياس وما وجدت لهم حجة إلا أن بعضهم قال : إن المسافر إذا نوى في صلاته الإقامة لزمه إتمامها ، والمقيم إذا نوى في صلاته السفر لم يقصرها ، قال : فإذا خرج بنيته إلى الإتمام فأحرى أن يخرج إلى الإتمام بحكم إمامه ؟ قال علي : وهذا قياس في غاية الفساد ; لأنه لا نسبة ولا شبه بين صرف النية من سفر إلى إقامة وبين الائتمام بإمام مقيم ، بل التشبيه بينهما هوس ظاهر واحتج بعضهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم : { إنما جعل الإمام ليؤتم به } ؟ فقلنا لهم : فقولوا للمقيم خلف المسافر : أن يأتم به إذن ؟ فقال قائلهم : قد جاء " أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر " ؟ فقلنا : لو صح هذا لكان عليكم ; لأن فيه أن المسافر لا يتم ، ولم يفرق بين مأموم ولا إمام ، فالواجب على هذا أن المسافر جملة يقصر ، والمقيم جملة يتم ، ولا يراعي أحد منهما حال إمامه - وبالله تعالى التوفيق ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية