صفحة جزء
531 - مسألة : ومن دخل يوم الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين قبل أن يجلس .

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا آدم ثنا شعبة ثنا عمرو بن دينار قال سمعت جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا جاء أحدكم والإمام يخطب أو قد خرج فليصل ركعتين } .

حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد [ ص: 276 ] ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن دينار قال سمعت جابر بن عبد الله قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فقال : { إذا جاء أحدكم يوم الجمعة ، وقد خرج الإمام فليصل ركعتين } .

قال أبو محمد : هذا أمر لا حيلة لمموه فيه ولله تعالى الحمد .

وبه إلى مسلم : ثنا قتيبة وإسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه - كلاهما عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول { دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أصليت ؟ قال : لا ، قال : قم فصل الركعتين } .

هذا لفظ إسحاق .

وقال قتيبة في حديثه " ركعتين " .

وهكذا رويناه من طريق حماد بن زيد وأيوب السختياني وابن جريج كلهم عن عمرو عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم . حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن إسحاق بن السليم ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود محمد بن محبوب وإسماعيل بن إبراهيم قالا : ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : { جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، فقال له عليه السلام : أصليت شيئا ؟ قال : لا ، قال : صل الركعتين تجوز فيهما } .

وحدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي ثنا ابن مفرج ثنا إبراهيم بن أحمد بن فراس العبقسي ثنا أحمد بن محمد بن سالم النيسابوري ثنا إسحاق بن راهويه أنا سفيان بن عيينة [ ص: 277 ] عن محمد بن عجلان عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري " أنه جاء ومروان يخطب يوم الجمعة ، فقام فصلى الركعتين ، فأجلسوه ، فأبى ، وقال : أبعد ما صليتموها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ " فهذه آثار متظاهرة متواترة عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم بأصح أسانيد توجب العلم بأمره صلى الله عليه وسلم من جاء يوم الجمعة والإمام يخطب بأن يصلي ركعتين ، وصلاهما أبو سعيد مع النبي صلى الله عليه وسلم وبعده بحضرة الصحابة لا يعرف له منهم مخالف ، ولا عليه منكر ، إلا شرط مروان الذين تكلموا بالباطل وعملوا الباطل في الخطبة ، فأظهروا بدعة وراموا إماتة سنة وإطفاء حق ، فمن أعجب شأنا ممن يقتدي بهم ويدع الصحابة ؟ وقد روى الناس من طريق مالك وغيره عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس } .

فعم عليه السلام ولم يخص فلا يحل لأحد أن يخص إلا ما خصه النبي صلى الله عليه وسلم ممن يجد الإمام يقيم لصلاة الفرض ، أو قد دخل فيها ؟ وسبحان من يسر هؤلاء لعكس الحقائق ، فقالوا : من جاء والإمام يخطب فلا يركع ، ومن جاء والإمام يصلي الفرض ولم يكن أوتر ولا ركع ركعتي الفجر فليترك الفريضة وليشتغل بالنافلة فعكسوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عكسا .

ولولا البرهان الذي قد ذكرنا قبل بأن لا فرض إلا الخمس لكانت هاتان الركعتان فرضا ، ولكنهما في غاية التأكيد ، لا شيء من السنن أوكد منهما ، لتردد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما .

وروينا من طريق عبد الرحمن بن مهدي : ثنا سفيان الثوري عن أبي نهيك عن [ ص: 278 ] سماك بن سلمة قال : سأل رجل ابن عباس عن الصلاة والإمام يخطب ؟ فقال : لو أن الناس فعلوه كان حسنا ؟ وعن أبي نعيم الفضل بن دكين : ثنا بريد بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال : رأيت الحسن البصري دخل يوم الجمعة وابن هبيرة يخطب ، فصلى ركعتين في مؤخر المسجد ثم جلس .

وعن وكيع عن عمران بن حدير عن أبي مجلز قال : إذا جئت يوم الجمعة وقد خرج الإمام فإن شئت صليت ركعتين ؟ وهو قول سفيان بن عيينة ، ومكحول ، وعبد الله بن يزيد المقرئ ، والحميدي ، وأبي ثور ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وجمهور أصحاب الحديث .

وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان ، وأصحابهما

وقال الأوزاعي : إن كان صلاهما في بيته جلس ، وإن كان لم يصلهما في بيته ركعهما في المسجد والإمام يخطب .

وقال أبو حنيفة ، ومالك : لا يصل ، قال مالك فإن شرع فيهما فليتمهما ؟ قال أبو محمد : إن كانتا حقا فلم لا يبتدئ بهما ؟ فالخير ينبغي البدار إليه وإن كانتا خطأ وغير جائزتين فما يجوز التمادي على الخطأ وفي هذا كفاية .

واحتج من سمع منهما بخبر ضعيف - : رويناه من طريق معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية قال : كنا مع عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس فقد آذيت } . [ ص: 279 ]

قال أبو محمد : وهذا لا حجة لهم فيه ، لوجوه أربعة - : أحدها : أنه لا يصح ; لأنه من طريق معاوية بن صالح لم يروه غيره ، وهو ضعيف ؟ والثاني : أنه ليس في الحديث - لو صح - أنه لم يكن ركعهما ، وقد يمكن أن يكون ركعهما ثم تخطى ، ويمكن أن لا يكون ركعهما ، فإذ ليس في الخبر لا أنه ركع ، ولا أنه لم يركع - : فلا حجة لهم فيه ولا عليهم .

ولا يجوز أن يقيم في الخبر ما ليس فيه فيكون من فعل ذلك أحد الكذابين ؟ والثالث : أنه حتى لو صح الخبر ، وكان فيه أنه لم يكن ركع - : لكان ممكنا أن يكون قبل أمر النبي صلى الله عليه وسلم من جاء والإمام يخطب بالركوع ، وممكنا أن يكون بعده ، فإذ ليس فيه بيان بأحد الوجهين فلا حجة فيه لهم ولا عليهم ؟ والرابع : أنه لو صح الخبر وصح فيه أنه لم يكن ركع .

وصح أن ذلك كان بعد أمره عليه السلام من جاء والإمام يخطب بأن يركع ، وكل ذلك لا يصح منه شيء - : لما كانت لهم فيه حجة ، لأننا لم نقل : إنهما فرض ، وإنما قلنا : إنهما سنة يكره تركها ، وليس فيه نهي عن صلاتهما ؟ فبطل تعلقهم بهذا الخبر الفاسد جملة - وبالله تعالى التوفيق ، وبقي أمره عليه السلام بصلاتهما لا معارض له ؟ وتعلل بعضهم بخبر رويناه من طريق يحيى بن سعيد القطان عن محمد بن عجلان عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري " أن رجلا دخل المسجد " فذكر الحديث .

وفيه - : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يصلي ركعتين ، ثم قال : إن هذا دخل المسجد في هيئة بذة فأمرته أن يصلي ركعتين وأنا أرجو أن يفطن له رجل فيتصدق عليه } ؟ قالوا : فإنما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالركعتين ليفطن فيتصدق عليه

[ ص: 280 ] قال أبو محمد : وهذا الحديث من أعظم الحجج عليهم ، لأن فيه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاتهما ، وعلى كل حال فليس اعتراض على حديث جابر الذي ذكرناه .

وفيه قوله عليه السلام : { من جاء يوم الجمعة والإمام يخطب أو قد خرج فليركع ركعتين } .

ثم نقول لهم : قولوا لنا : هل أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك بحق أم بباطل ؟ فإن قالوا : بباطل ، كفروا .

وإن قالوا : بحق أبطلوا مذهبهم ، ولزمهم الأمر بالحق الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح أنهما حق على كل حال ، إذ لا يأمر عليه السلام بوجه من الوجوه إلا بحق .

ثم نقول لهم : إذ قلتم هذا فتقولون أنتم به فتأمرون من دخل بهيئة بذة والإمام يخطب يوم الجمعة بأن يركع ركعتين ليفطن له فيتصدق عليه ؟ أم لا ترون ذلك ؟ إن قالوا : نأمره بذلك تركوا مذهبهم .

وإن قالوا : لسنا نأمره بذلك ؟ قيل لهم : فأي راحة لكم في توجيهكم للخبر الثابت وجوها أنتم مخالفون لها ، وعاصون للخبر على كل حال ؟ وهل ههنا إلا إيهام الضعفاء المغترين المحرومين أنكم أبطلتم حكم الخبر وصححتم بذلك قولكم ؟ والأمر في ذلك بالضد ، بل هو عليكم - وحسبنا الله ونعم الوكيل وقال بعضهم : لما لم يجز ابتداء التطوع لمن كان في المسجد لم يجز لمن دخل المسجد .

قال أبو محمد : وهذه دعوى فاسدة لم يأذن الله تعالى بها ، ولا قضاها رسوله عليه السلام ، بل قد فرق عليه السلام بينهما ، بأن أمر من حضر بالإنصات والاستماع ، وأمر الداخل بالصلاة ، فالمعترض على هذا مخالف لله ولرسوله عليه السلام ، فالمتطوع جائز لمن في المسجد ما لم يبدأ الإمام بالخطبة ولمن دخل ما لم تقم الإقامة للصلاة ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية