صفحة جزء
537 - مسألة : فإن ضاق المسجد أو امتلأت الرحاب واتصلت الصفوف صليت الجمعة وغيرها في الدور ، والبيوت ، والدكاكين المتصلة بالصفوف ، وعلى ظهر المسجد ، بحيث يكون مسامتا لما خلف الإمام ، لا للإمام ولا لما أمام الإمام أصلا ومن حال بينه وبين الإمام والصفوف نهر عظيم أو صغير أو خندق أو حائط لم يضره شيء ، وصلى الجمعة بصلاة الإمام ؟ - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا محمد هو ابن سلام - ثنا عبدة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن عائشة أم المؤمنين قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل في حجرته ، وجدار الحجرة قصير ، فرأى الناس شخص النبي صلى الله عليه وسلم فقام أناس يصلون بصلاته } وذكر باقي الحديث .

قال أبو محمد : حكم الإمامة سواء في الجمعة وغيرها ، والنافلة والفريضة ، لأنه لم يأت قرآن ولا سنة بالفرق بين أحوال الإمامة في ذلك ، ولا جاء نص بالمنع من الائتمام بالإمام إذا اتصلت الصفوف ، فلا يجوز المنع من ذلك بالرأي الفاسد ؟ وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم { جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فحيثما أدركتك الصلاة فصل }

فلا يحل أن يمنع أحد من الصلاة في موضع إلا موضعا جاء النص بالمنع من الصلاة فيه ، فيكون مستثنى من هذه الجملة .

روينا عن القاسم بن محمد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها : أنها كانت تصلي في بيتها بصلاة الإمام وهو في المسجد ؟ [ ص: 287 ] وقد جاء ذلك مبينا في صلاة الكسوف ، إذ صلت في بيتها بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالناس ؟ ومن طريق حماد بن سلمة أخبرني جبلة بن أبي سليمان الشقري قال : رأيت أنس بن مالك يصلي في دار أبي عبد الله في الباب الصغير الذي يشرف على المسجد يرى ركوعهم وسجودهم ؟ وعن المعتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي مجلز قال : تصلي المرأة بصلاة الإمام وإن كان بينهما طريق أو جدار بعد أن تسمع التكبير .

وعن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه : أنه جاء يوم الجمعة إلى المسجد وقد امتلأ فدخل دار حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، والطريق بينه وبين المسجد ، فصلى معهم وهو يرى ركوعهم وسجودهم .

وعن النضر بن أنس أنه صلى في بيت الخياط يوم الجمعة في الرحبة التي تباع فيها القباب .

وعن حماد بن سلمة عن ثابت البناني قال : جئت أنا والحسن البصري يوم الجمعة والناس على الجدر والكنف ، فقلت له : أبا سعيد ، أترجو لهؤلاء ؟ قال : أرجو أن يكونوا في الأجر سواء ؟ وقال مالك : لا تصلى الجمعة خاصة في مكان محجور بصلاة الإمام في المسجد ، وأما سائر صلوات الفرض فلا بأس بذلك فيها .

وهذا لا نعلمه عن أحد من الصحابة ، ولا يعضد هذا القول قرآن ، ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ، ولا قياس ، ولا رأي سديد وقال أبو حنيفة : إن كان بين الإمام والمأموم نهر صغير أجزأته صلاته ، فإن كان كبيرا لم تجزه .

وهذا كلام ساقط ، لا يعضده قرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ، ولا قول صاحب ، [ ص: 288 ] ولا رأي سديد ؟ وحد النهر الكبير بما يمكن أن تجري فيه السفن

قال أبو محمد : ليت شعري أي السفن ؟ وفي السفن ما يحمل ألف وسق ، وفيها زويرق صغير يحمل ثلاثة أو أربعة فقط .

وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال : من صلى بصلاة الإمام وبينهما طريق أو جدر أو نهر فلا يأتم به - فلم يفرق بين نهر صغير وكبير

وروينا من طريق شعبة : ثنا قتادة قال : قال لي زرارة بن أوفى سمعت أبا هريرة يقول : لا جمعة لمن صلى في الرحبة - وبه يقول زرارة .

قال أبو محمد : لو كان تقليدا لكان هذا - لصحة إسناده - أولى من تقليد مالك ، وأبي حنيفة ، وعن عقبة بن صهبان عن أبي بكرة : أنه رأى قوما يصلون في رحبة المسجد يوم الجمعة ، فقال : لا جمعة لهم ، قلت : لم ؟ قال : لأنهم يقدرون على أن يدخلوا فلا يفعلون .

قال أبو محمد : هذا كما قال لمن قدر على أن يصل الصف فلم يفعل

وإن العجب كله ممن يجيز الصلاة حيث صح نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيه كالمقبرة ، ومعطن الإبل ، والحمام ، ثم يمنع منها حيث لا نص في المنع منها ، كالموضع المحجور ، أو بينها نهر كبير وكل هذا كما ترى وبالله تعالى التوفيق

التالي السابق


الخدمات العلمية