صفحة جزء
617 - مسألة : وجائز أن تغسل المرأة زوجها ، وأم الولد سيدها ، وإن انقضت العدة بالولادة ، ما لم تنكحا ، فإن نكحتا لم يحل لهما غسله إلا كالأجنبيات

وجائز للرجل أن يغسل امرأته ، وأم ولده ، وأمته ، ما لم يتزوج حريمتها ، أو يستحل حريمتها بالملك ، فإن فعل لم يحل له غسلها ؟ وليس للأمة أن تغسل سيدها أصلا ، لأن ملكها بموته انتقل إلى غيره . برهان ذلك - : قول الله تعالى : { ولكم نصف ما ترك أزواجكم } : فسماها زوجة بعد موتها وهي - إن كانا مسلمين - امرأته في الجنة ، وكذلك أم ولده ، وأمته ، وكان حلالا له رؤية أبدانهن في الحياة وتقبيلهن ومسهن ، فكل ذلك باق على التحليل فمن ادعى تحريم ذلك بالموت فقول باطل إلا بنص ، ولا سبيل له إليه

وأما إذا تزوج حريمتها ، أو تملكها ، أو تزوجت هي - : فحرام عليه الاطلاع على بدنيهما معا ، لأنه جمع بينهما .

وكذلك حرام على المرأة التلذذ برؤية بدن رجلين معا ؟

وقولنا هو قول مالك ، والشافعي ، وأبي سليمان ؟ وقال أبو حنيفة : تغسل المرأة زوجها ; لأنها في عدة منه ، ولا يغسلها هو

روينا من طريق ابن أبي شيبة عن معمر بن سليمان الرقي عن حجاج عن داود [ ص: 406 ] بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : الرجل أحق بغسل امرأته ومن طريق حماد بن سلمة عن الحجاج بن أرطاة عن عبد الرحمن بن الأسود قال : إني لأغسل نسائي ، وأحول بينهن وبين أمهاتهن وبناتهن وأخواتهن

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري سمعت حماد بن أبي سليمان يقول : إذا ماتت المرأة مع القوم فالمرأة تغسل زوجها ، والرجل امرأته ؟ ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء هو جابر بن زيد قال : الرجل أحق أن يغسل امرأته من أخيها ؟ ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن عبد الكريم عن عطاء بن أبي رباح قال : يغسلها زوجها إذا لم يجد من يغسلها

ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن عمرو بن عبيد عن الحسن البصري قال : يغسل كل صاحبه - يعني الزوج ، والزوجة - بعد الموت ؟

ومن طريق وكيع عن الربيع عن الحسن قال : لا بأس أن يغسل الرجل أم ولده ؟ ومن طريق ابن أبي شيبة : نا أبو أسامة عن عوف هو ابن أبي جميلة - : أنه شهد قسامة بن زهير وأشياخا أدركوا عمر بن الخطاب وقد أتاهم رجل فأخبرهم أن امرأته ماتت فأمرته أن لا يغسلها غيره ؟ فغسلها ، فما منهم أحد أنكر ذلك ؟

وروينا أيضا من طريق سليمان بن موسى أنه قال : يغسل الرجل امرأته وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف : إذا ماتت المرأة مع رجال ليس فيهم امرأة فإن زوجها يغسلها ؟

والحنفيون يعظمون خلاف الصاحب الذي لا يعرف له منهم مخالف ، وهذه رواية عن ابن عباس لا يعرف له من الصحابة مخالف ، وقد خالفوه

وقد روي أيضا عن علي : أنه غسل فاطمة مع أسماء بنت عميس ؟ فاعترضوا على ذلك برواية لا تصح : أنها رضي الله عنها اغتسلت قبل موتها وأوصت ألا تحرك ، فدفنت بذلك الغسل .

[ ص: 407 ] وهذا عليهم لا لهم ; لأنهم قد خالفوا في هذا أيضا عليا ، وفاطمة ، بحضرة الصحابة ؟

فإن ذكروا ما روينا من طريق ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث عن ليث عن يزيد بن أبي سليمان عن مسروق قال : ماتت امرأة لعمر ، فقال : أنا كنت أولى بها إذ كانت حية ، فأما الآن فأنتم أولى بها ؟ فلا حجة لهم فيه ، لأنه إنما خاطب بذلك ، أولياءها في إدخالها القبر والصلاة عليها ، ولا خلاف في أن الأولياء لا يجوز لهم غسلها ، ودليل ذلك أنه بلفظ خطاب المذكر ، ولو خاطب النساء لقال : أنتن أولى بها ، وعمر لا يلحن ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية