صفحة جزء
666 - مسألة :

وكذلك لو أخرج الزكاة وعزلها ليدفعها إلى المصدق أو إلى أهل الصدقات فضاعت الزكاة كلها أو بعضها فعليه إعادتها كلها ولا بد ، لما ذكرنا ; ولأنه في ذمته حتى يوصلها إلى من أمره الله تعالى بإيصالها إليه - وبالله تعالى التوفيق .

وهو قول الأوزاعي ، وظاهر قول الشافعي في بعض أقواله ؟ وقال أبو حنيفة : إن هلك المال بعد الحول - ولم يحد لذلك مدة - فلا زكاة عليه بأي وجه هلك ; فلو هلك بعضه فعليه زكاة ما بقي فقط ، قل أو كثر ; ولا زكاة عليه فيما تلف ، فإن كان هو استهلكه فعليه زكاته ؟ . [ ص: 72 ]

قال أبو محمد : وهذا خطأ ، لما ذكرنا قبل ; فإن لجأ إلى أن الزكاة في عين المال ، قلنا له : هذا باطل بما قدمنا آنفا ، ثم هبك لو كان ذلك كما تقول لما وجب عليه زكاة ما بقي من المال إذا كان الباقي ليس مما يجب في مقداره الزكاة لو لم يكن معه غيره ; لأن التالف عندكم لا زكاة فيه لتلفه ، والباقي ليس نصابا ، فإن كان الباقي فيه الزكاة واجبة ؟ فالتالف فيه الزكاة واجبة ولا فرق .

وقد قدمنا ; أن الزكاة ليست مشاعة في المال في كل جزء منه كالشركة ; إذ لو كان ذلك لما جاز إخراجها إلا بقيمة محققة منسوبة مما بقي .

وقد قال الشافعي بهذا في زكاة الإبل ، وقال به أصحاب أبي حنيفة في الطعام يخرج عن الطعام من صنفه أو من غير صنفه ; فظهر تناقضهم ؟ وقال مالك : إن تلف الناض بعد الحول ولم يفرط في أداء زكاته فرجع إلى ما لا زكاة فيه فلا زكاة عليه فيه ; وكذلك لو عزل زكاة الطعام فتلفت فلا شيء عليه غيرها ، لا عن الكل ولا عما بقي ، فلو لم يفعل وأدخله بيته فتلف فعليه ضمان زكاته قال أبو محمد : وهذا خطأ ; لأن الزكاة الواجبة لأهل الصدقات ليست عينا معينة ; بلا خلاف من أحد من الأمة ولا جزءا مشاعا في كل جزء من المال .

وهذان الوجهان هما اللذان يكون من كانا عنده بحق مؤتمنا عليه فلا ضمان عليه فيما تلف من غير تعديه ; فإذ الزكاة كما ذكرنا وإنما هي حق مفترض عليه في ذمته حتى يؤديه إلى المصدق ، أو إلى من جعلها الله تعالى له - : فهي دين عليه لا أمانة عنده والدين مؤدى على كل حال - وبالله تعالى التوفيق .

وروينا من طريق ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث ، وجرير ، والمعتمر بن سليمان التيمي ، وزيد بن الحباب ، وعبد الوهاب بن عطاء ، قال حفص عن هشام بن حسان عن الحسن البصري ; و قال جرير عن المغيرة عن أصحابه ; وقال المعتمر عن معمر عن حماد ، وقال زيد عن شعبة عن الحكم ; وقال عبد الوهاب عن ابن أبي عروبة عن حماد عن إبراهيم النخعي ، ثم اتفقوا كلهم : فيمن أخرج زكاة ماله فضاعت : أنها لا تجزي عنه وعليه إخراجها ثانية ؟ وروينا عن عطاء : أنها تجزئ عنه ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية