صفحة جزء
وأما قولنا : أن يؤذن المؤذن إذا أتم الإمام الخطبة بعرفة ، ثم يقيم لصلاة الظهر ، ثم يقيم للعصر ولا يؤذن لها ; فلما ذكرناه في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا وهو قول أبي سليمان ، وأحد قولي مالك ; وقال مالك مرة أخرى : إن شاء أذن ، والإمام في الخطبة ، وإن شاء إذا أتم .

وقال أبو حنيفة ، وأبو ثور : يؤذن إذا قعد الإمام على المنبر قبل أن يأخذ في الخطبة - وقال أبو يوسف : يؤذن قبل خروج الإمام ; ثم رجع فقال : يؤذن بعد صدر من الخطبة ، وذكر ذلك عن مؤذن من أهل مكة .

وقال الشافعي : يأخذ في الأذان إذا أتم الإمام الخطبة الأولى .

قال أبو محمد : وهذه أقوال لا حجة لصحة شيء منها ؟ فإن قالوا : قسنا ذلك على الجمعة ؟ قلنا : القياس باطل ، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل ; لأنه ليس قياس الأذان بعرفة على الأذان بالجمعة بأولى من القياس للجمعة على ما روي في عرفة لا سيما وأنتم تقولون : لا جمعة بعرفة ؟ فإن قيل : فأنتم تقولون : إن الجمعة بعرفة كما هي في غيرها من البلاد ؟ قلنا : نعم ، وليس ذلك بمبيح مخالفة ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة الأذان فيها بخلافه في سائر البلاد كما كان بعرفة حكم الصلاة في الجمع بين الظهر ، والعصر ، بخلاف ذلك في سائر البلاد ، ولو قلنا : إن هذه الأقوال خلاف لإجماع الصحابة رضي الله عنهم كلهم في القول بذلك لصدقنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية