صفحة جزء
وأما وجوب رمي جمرة العقبة ، فلما رويناه من طريق أبي داود نا نصر بن علي الجهضمي نا يزيد بن زريع أنا خالد هو الحذاء - عن عكرمة عن ابن عباس { أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أمسيت ، ولم أرم قال : ارم ولا حرج } .

ومن طريق البخاري عن عبد الله بن يوسف نا مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة عن عبيد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع فجعلوا يسألونه ؟ فقال له رجل : لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ؟ قال : ارم ولا حرج } فأمر عليه السلام برميها فوجب فرضا .

فإن قيل : إن في هذا الخبر أنه عليه السلام قال : { اذبح ولا حرج } فأوجبوا الذبح فرضا ؟ قلنا : إن كان ذلك الذبح منذورا أو هديا واجبا ؟ فنعم هو فرض ، وإن كان تطوعا فيكفي من البرهان على أنه ليس ذبحه فرضا تيقن العلم بأنه تطوع لا فرض .

روينا من طريق الحذافي عن عبد الرزاق عن معمر قال : قال الزهري فيمن لم يرم الجمرة : إن ذكر وهو بمنى رمى ، وإن فاته ذلك حتى نفر فإنه يحج من قابل ويحافظ على المناسك - وبه يقول داود ، وأصحابنا ، ولا يجزئ الرمي إلا بحصى كحصى الخذف لا أصغر ، ولا أكبر ; لما روينا من طريق مسلم - : نا محمد بن رمح عن الليث هو ابن سعد - عن أبي الزبير عن أبي معبد مولى ابن عباس عن [ ص: 131 ] الفضل بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { عليكم بحصى الخذف الذي ترمى به الجمرة } .

ومن طريق أحمد بن شعيب أنا يعقوب بن إبراهيم هو الدورقي - نا إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية - نا عوف هو ابن أبي جميلة - نا زياد بن حصين عن أبي العالية قال : { قال ابن عباس : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على راحلته هات القط لي ؟ فلقطت له حصيات ، هي حصى الخذف ، فلما وضعتهن في يده قال : بأمثال هؤلاء بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين } .

وقال مالك : أحب أكبر من حصى الخذف ; وهذا قول في غاية الفساد لتعريه من البرهان ومخالفة الأثر الثابت - : روينا من طريق ابن أبي شيبة نا أبو خالد الأحمر عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن عبد الله ، وابن الزبير ، قالا جميعا : مثل حصى الخذف ، ولا مخالف لهما لا من صاحب ، ولا من تابع ; وهذان الأثران يبطلان قول من قال : يجزئ الرمي بغير الحصى

التالي السابق


الخدمات العلمية