صفحة جزء
وأما العدد فإن الناس اختلفوا - روينا من طريق ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : أن سعد بن أبي وقاص قال : جلسنا فقال بعضنا : رميت بست ، وقال بعضنا : رميت بسبع ; فلم يعب بعضنا على بعض .

ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني محمد بن يوسف : أن عبد الله بن عمرو بن عثمان أخبره : أنه سمع أبا حبة الأنصاري يفتي بأنه لا بأس بما رمى به الإنسان من عدد الحصى فجاء عبد الله بن عمرو إلى ابن عمر فأخبره فقال : صدق أبو حبة .

قال أبو محمد : أبو حبة بدري - وروينا عن طاوس من ترك حصاة فإنه يطعم تمرة أو لقيمة - وعن عطاء : من فاتته الجمار يوما تصدق بدرهم ، ومن فاتته حتى تنقضي أيام منى فعليه دم .

قال علي : روينا من طريق عبد الرزاق نا معمر عن سليمان التيمي عن أبي مجلز قلت لابن عمر : نسيت أن أرمي بحصاة من حصى الجمرة فقال لي ابن عمر : اذهب إلى [ ص: 132 ] ذلك الشيخ فسله ثم ارجع فأخبرني بما يقول ، قال : فسألته ؟ فقال لي : لو نسيت شيئا من صلاتي لأعدت ، فقال ابن عمر : أصاب .

قال أبو محمد : هذا الشيخ - هو محمد ابن الحنفية - هكذا رويناه من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه - وروينا عن ابن عمر قال : من نسي الجمرة رماها بالليل حين يذكر .

وعن طاوس ، وعروة بن الزبير ، والنخعي ، والحسن قالوا كلهم : يرمي بالليل - هو قول سفيان ; ولم يوجبوا في ذلك شيئا .

قال أبو محمد : إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن رميها ما لم تطلع الشمس من يوم النحر ، وأباح رميها بعد ذلك ، وإن أمسى ; وهذا يقع على الليل والعشي معا كما ذكرنا قبل .

قال أبو حنيفة : عليه في كل حصاة نسيها طعام مسكين نصف صاع حنطة إلا أن يبلغ ذلك دما .

وقال مالك : عليه في الحصاة الواحدة فأكثر إن نسيها دم ; فإن ترك سبع حصيات فعليه بدنة ; فإن لم يجد فبقرة ; فإن لم يجد فشاة ; فإن لم يجد فصيام .

وأما الشافعي فمرة قال : عليه في حصاة واحدة مد طعام ، وفي حصاتين مدان ، وفي ثلاث فصاعدا دم - وقد روي عنه في حصاة ثلث دم ، وفي الحصاتين ثلثا دم ، وفي الثلاث فصاعدا دم - وروي عنه للحصاة الواحدة فصاعدا دم .

قال أبو محمد : وهذه الأقوال المذكورة كلها ليس شيء منها جاء به نص ، ولا رواية فاسدة ، ولا قول صاحب ، ولا تابع ، ولا قياس ، ولا قال بشيء منها أحد نعلمه قبل القائل بكل قول ذكرناه عمن ذكرناه عنه ؟ وأما الرمي قبل طلوع الشمس فلا يجزئ أحدا : لا امرأة ولا رجلا - : روينا من طريق أحمد بن شعيب أنا محمود بن غيلان المروزي نا بشر بن السري نا سفيان الثوري عن حبيب هو ابن أبي ثابت - عن عطاء عن ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم أهله وأمرهم أن لا يرموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس } .

وروينا عن طائفة من التابعين : إباحة - الرمي قبل طلوع الشمس . [ ص: 133 ] ولا حجة في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال سفيان : من رمى قبل طلوع الشمس أعاد الرمي بعد طلوعها - وهو قول أصحابنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية