وأما اختيارنا 
الطيب بمنى  قبل رمي الجمرة   ; فلما قد ذكرنا قبل في اختيار التطيب للإحرام من النص - وممن قال بذلك من الصحابة ، وغيرهم - رضي الله عنهم ، فأغنى عن إعادته . 
وأما قولنا : أن 
يرمي الجمرة ، وبدخول وقتها يحل للمحرم بالحج أو القران كل ما كان عليه حراما من اللباس ، والطيب ، والتصيد في الحل ، وعقد النكاح لنفسه ،  
[ ص: 138 ] ولغيره حاشا الجماع فقط ، فإنه حرام عليه بعد حتى يطوف 
بالبيت    - : فهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان  ، وأصحابهم . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  ، 
وسفيان    : إذا رمى الجمرة حل له كل شيء إلا النساء ، والتصيد ، والطيب - قال : فإن تطيب فلا شيء عليه لما جاء في ذلك ، وإن تصيد فعليه الجزاء . 
وذكروا في ذلك رواية عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  ، وابنه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله    : أنه حل له كل شيء إلا النساء والطيب - وعن 
سالم  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة  مثل هذا . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : أما 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  فقد روي عنه الرجوع ، وقد خالف في ذلك 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر    : 
عائشة  وغيرها ; كما روينا من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور  نا 
سفيان  عن 
عمرو بن دينار  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله بن عمر  عن أبيه قال : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر    : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=49650إذا رميتم الجمرة بسبع حصيات ، وذبحتم ، وحلقتم ، فقد حل لكم كل شيء ، إلا الطيب ، والنساء ; فقالت عائشة    : أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع   } . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : هذا قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  الذي لو اتبعوه لوفقوا - : ومن طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع  عن 
سفيان  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل  عن 
الحسن العرني  عن { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=49651 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  قال : إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء ، فقال رجل : والطيب ؟ فقال  nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس    : أما أنا فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضمخ رأسه بالمسك أطيب ذلك أم لا   } ؟ - : ومن طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة  عن أبيه عن 
عائشة  رضي الله عنها قالت : إذا رميت الجمرة فقد حل لك كل شيء إلا النساء . 
وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر  سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير  يقول : إذا رميت الجمرة فقد حل لك كل شيء ما وراء النساء . 
وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16588وعلقمة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15786وخارجة بن زيد بن ثابت    . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : قال الله تعالى : { 
وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما   } . 
وقال تعالى : { 
وإذا حللتم فاصطادوا   } . 
وجاء النص وإجماع المخالفين معناه على أن 
المحرم حرام عليه لباس القمص ، والعمائم ، والبرانس ، والخفين ، والسراويل ، وحلق الرأس   ; ووافقونا مع مجيء النص على جواز لباس كل ذلك إذا رمى ونحر .  
[ ص: 139 ] وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما نذكر بعد هذا - إن شاء الله تعالى - جواز 
تقديم الطواف ، والذبح ، والرمي ، والحلق ، بعضها على بعض   . 
فصح أن الإحرام قد بطل بدخول وقت الرمي ، والحلق ، والنحر ، رمى أو لم يرم ، حلق أو لم يحلق ، نحر أو لم ينحر ، طاف أو لم يطف ; وإذا حل له الحلق الذي كان حراما في الإحرام ; فبلا شك أنه قد بطل الإحرام ، وبطل حكمه ; وإذا كان ذلك فقد حل ، فحل له الصيد الذي لم يحرم عليه إلا بالإحرام ، وحل له بالإحلال ، وكذلك الزواج والتزويج ; لأن النص إنما جاء بأن لا ينكح المحرم ، ولا ينكح ، ولا يخطب ، فصح أن هذا حرام على المحرم ، ومن حل له لباس القمص ، والبرانس ، وحلق الرأس لغير ضرورة فهو حلال لا محرم فالنكاح ، والإنكاح ، والخطبة حلال له ; إذ ليس محرما ، وأما الجماع فبخلاف هذا ; لأن الله تعالى قال : { 
فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج   } فحرم الرفث ، وهو الجماع في الحج جملة لا على المحرم خاصة ، وما دام يبقى من فرائض الحج شيء فهو بعد في الحج وإن لم يكن محرما ، 
والوطء حرام عليه ما دام في الحج   . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد    : 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك  يرى 
في الطيب المحرم على المحرم الفدية ، كما يرى الجزاء على المحرم في الصيد - ثم رأى هاهنا الجزاء في الصيد ولم ير الفدية في التطيب ، وهذا عجب فإن احتجوا له بالأثر الوارد في طيب النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يطوف 
بالبيت  ؟ قلنا لهم : لا يخلو هذا الأثر من أن يكون صحيحا ففرض عليكم أن لا تخالفوه ، وأنتم قد خالفتموه ، أو يكون غير صحيح فلا تراعوه ، وأوجبوا الفدية على من تطيب كما أوجبتموها على من تصيد ، ولا فرق . 
ثم نقول لهم : أخبرونا عن إيجابكم الجزاء على من تصيد في الحل بعد رمي 
جمرة العقبة  ، أحرم هو أم غير حرم ؟ ولا سبيل إلى ثالث . 
فإن قلتم : هو حرم ؟ قلنا لكم : فحرموا عليه اللباس الذي يحرم على المحرمين وحرموا عليه حلق رأسه .  
[ ص: 140 ] وإن قالوا : ليس حراما ؟ قلنا : فلا جزاء عليه في التصيد . 
فإن قالوا : قد جاء النص والإجماع بأمره بحلق رأسه ، وبلباس ما يحرم على المحرمين ؟ قلنا : فهذا برهان كاف في أنه ليس محرما ، وهذا ما لا مخلص [ لهم ] منه ; وأيضا فإنهم أوهموا أنهم تعلقوا 
 nindex.php?page=showalam&ids=2بعمر  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر    ; وإنما عنهما المنع من التطيب لا من الصيد ، وهذا عجب جدا . 
وأيضا فالقوم أصحاب قياس ، وهم قد أباحوا لباس القمص ، والسراويل وغير ذلك بعد رمي 
جمرة العقبة  ، وحلق الرأس ، ومنعوا من الصيد ، والطيب . 
فإن قالوا : قسناه على الجماع ؟ قلنا : هذا قياس فاسد ، لأن اللباس ، والحلق ، والطيب ، والصيد عندكم خبر واحد ، وحكم واحد في أنه لا يبطل به الحج في الإحرام ، وكان للجماع خبر آخر ، لأنه لا يبطل به الحج في الإحرام ; فلو كان القياس حقا لكان قياس الطيب ، والصيد ، على اللباس ، والحلق أولى من قياسه على الجماع - وبالله تعالى التوفيق . 
وأما قولنا - : إن 
نهض إلى مكة  فطاف بالبيت  سبعا - لا رمل فيها - وسعى بين الصفا  والمروة  ، إن كان متمتعا ، أو لم يسع إن كان قارنا ، وكان قد سعى بينهما في أول دخوله فقد تم حجه وقرانه ، وحل له النساء - فإجماع لا خلاف فيه مع النص في قوله تعالى : { 
وليطوفوا بالبيت العتيق   } . 
وأما قولنا - : إنهم 
يرجعون إلى منى  فيقيمون بها ثلاث ليال بأيامها - يرمون في كل يوم من الأيام الثلاثة الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس بسبع حصيات سبع حصيات كل جمرة يبدأ بالقصوى ، ثم التي تليها ; ثم 
جمرة العقبة  التي رمى يوم النحر ، وقد تم حجه وعمله كله - فإجماع لا خلاف فيه من أحد .