صفحة جزء
846 - مسألة : ومن لم يبت ليالي منى بمنى فقد أساء ولا شيء عليه إلا الرعاء وأهل سقاية العباس فلا نكره لهم المبيت في غير منى ; بل للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوما .

روينا من طريق أبي داود نا مسدد نا سفيان هو ابن عيينة - عن عبد الله ، ومحمد ابني أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيهما عن أبي البداح بن عدي عن أبيه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوما } .

فصح بهذا الخبر أن الرمي في كل يوم من أيام منى ليس فرضا .

ومن طريق مسلم نا ابن نمير هو محمد بن عبد الله - نا أبي نا عبيد الله هو ابن عمر [ ص: 195 ] حدثني نافع عن ابن عمر قال : { إن العباس بن عبد المطلب استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل سقايته أن يبيت بمكة ليالي منى فأذن له } .

قال أبو محمد : فأهل السقاية مأذون لهم من أجل السقاية ، وبات عليه السلام بمنى ولم يأمر بالمبيت بها ، فالمبيت بها سنة ، وليس فرضا ، لأن الفرض إنما هو أمره صلى الله عليه وسلم فقط .

فإن قيل : إن إذنه للرعاء وترخيصه لهم وإذنه للعباس دليل على أن غيرهم بخلافهم ؟ قلنا : لا وإنما كان يكون هذا لو تقدم منه عليه السلام أمر بالمبيت والرمي ، فكان يكون هؤلاء مستثنين من سائر من أمروا ، وأما إذا لم يتقدم منه أمر عليه السلام فنحن ندري أن هؤلاء مأذون لهم ، وليس غيرهم مأمورا بذلك ولا منهيا فهم على الإباحة - : روينا عن عمر بن الخطاب " لا يبيتن أحد من وراء العقبة أيام منى " وصح هذا عنه رضي الله عنه وعن ابن عباس مثل هذا ; وعن ابن عمر أنه كره المبيت بغير منى أيام منى ، ولم يجعل واحد منهم في ذلك فدية أصلا .

ومن طريق سعيد بن منصور نا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال : لا بأس لمن كان له متاع بمكة أن يبيت بها ليالي منى .

ومن طريق ابن أبي شيبة نا زيد بن الحباب نا إبراهيم بن نافع أنا عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال : إذا رميت الجمار فبت حيث شئت .

وبه إلى إبراهيم بن نافع نا ابن أبي نجيح عن عطاء قال : لا بأس أن يبيت بمكة ليالي منى في ضيعته .

وعن مجاهد لا بأس بأن يكون أول الليل بمكة وآخره بمنى أو أول الليل بمنى وآخره بمكة - وروينا من طريق ابن أبي شيبة نا أبو معاوية عن ابن جريج عن عطاء أنه كان يقول : من بات ليالي منى بمكة تصدق بدرهم أو نحوه .

وعن بكير بن مسمار عن سالم عن ابن جريج عن عطاء مثل هذا أيضا يتصدق بدرهم إذا لم يبت بمنى .

[ ص: 196 ] ومن طريق أبي بكر بن عياش عن المغيرة عن إبراهيم قال : إذا بات دون العقبة أهرق دما .

وقال أبو حنيفة : بمثل قولنا ، وقال سفيان : يطعم شيئا ، وقال مالك : من بات ليلة من ليالي منى بغير منى أو أكثر ليلته فعليه دم ، فإن بات الأقل من ليلته فلا شيء عليه .

وقال الشافعي : من بات ليلة من ليالي التشريق في غير منى فليتصدق بمد فإن بات ليلتين ، فمدان فإن بات ثلاثا فدم - وروي عنه في ليلة ثلث دم ، وفي ليلتين ثلثا دم وفي ثلاث ليال دم قال أبو محمد : هذه الأقوال لا دليل على صحتها يعني الصدقة بدرهم أو بإطعام شيء أو بإيجاب دم ، أو بمد ، أو مدين ، أو ثلث دم ، أو ثلثي دم ، أو الفرق بين المبيت أكثر الليل ، أو أقله ، وما كان هكذا فالقول به لا يجوز ، وما نعلم لمالك ، ولا للشافعي في أقوالهم هذه سلفا أصلا ، لا من صاحب ، ولا من تابع .

التالي السابق


الخدمات العلمية