صفحة جزء
896 - مسألة :

وللمحرم أن يشد المنطقة على إزاره إن شاء أو على جلده ويحتزم بما شاء ، ويحمل خرجه على رأسه ، ويعقد إزاره عليه ورداءه إن شاء ، ويحمل ما شاء من الحمولة على رأسه ، ويعصب على رأسه لصداع ، أو لجرح ، ويجبر كسر ذراعه ، أو ساقه ، ويعصب على جراحه ، وخراجه ، وقرحه ، ولا شيء عليه في كل شيء من ذلك ، ويحرم في أي لون شاء حاشا ما صبغ بورس ، أو زعفران لأنه لم ينهه عن شيء مما ذكرنا قرآن ، ولا سنة { وما كان ربك نسيا } إلا أننا روينا من طريق وكيع عن ابن أبي ذئب عن صالح عن أبي حسان { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى محرما محتزما بحبل فقال : يا صاحب الحبل ألقه } .

وبه إلى ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب : سمعت ابن عمر يقول : لا تعقد عليك شيئا وأنت محرم .

ومن طريق ابن أبي شيبة نا حفص بن غياث عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أنه كره الهميان للمحرم - فأما الأثر فمرسل لا حجة فيه . [ ص: 296 ]

وقد روينا من طريق عبد الرزاق عن الأسلمي عمن سمع صالحا مولى التوأمة أنه سمع ابن عباس يقول : { رخص رسول الله عليه السلام في الهميان للمحرم } .

قال أبو محمد : كلاهما وتمرة - وأما ابن عمر فقد روي عنه وعن غيره من الصحابة رضي الله عنهم خلاف هذا .

وروينا من طريق ابن أبي شيبة نا ابن فضيل عن ليث عن عطاء ، وطاوس قالا جميعا : رأينا ابن عمر قد شد حقويه بعمامة وهو محرم .

ومن طريق سعيد بن منصور عن هشيم : أنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد عن عائشة أم المؤمنين : أنها كانت ترخص في الهميان يشده المحرم على حقويه ، وفي المنطقة أيضا .

ومن طريق وكيع عن سفيان عن حميد الأعرج عن عطاء عن ابن عباس قال في الهميان للمحرم : لا بأس به .

ومن طريق شعبة عن منصور عن مجاهد قال : رأيت ابن الزبير جاء حاجا فرمل حتى رأيت منطقته قد انقطعت على بطنه .

قال أبو محمد : لا شك أن ابن الزبير لم يكن مضطرا إلى إحراز نفقته ، وابن عمر لم يجعل في ذلك شيئا - ورأى مالك على من عصب رأسه فدية .

ومن طريق ابن عمر : لا يعصب المحرم رأسه بسير ولا بخرقة .

ومن طريق ابن أبي شيبة عن أبي داود الطيالسي عن أبي معشر عن عبد الرحمن بن يسار قال : رأيت ابن عباس قد شد شعره بسير وهو محرم وكلاهما لم يجعل فيه شيئا .

ومن طريق سعيد بن منصور نا سفيان هو ابن عيينة - عن عمرو بن دينار قلت لجابر بن زيد أبي الشعثاء : ينحل إزاري يوم عرفة ؟ قال : اعقده .

ومن طريق سعيد بن منصور نا خالد بن عبد الله عن العلاء بن المسيب عن الحكم بن عتيبة : أنه كان لا يرى بأسا أن يتوشح المحرم بثوبه ويعقده على قفاه . [ ص: 297 ]

ومن طريق سعيد بن منصور نا هشيم عن يونس عن الحسن البصري أنه لم ير بأسا أن يعقد المحرم ثوبه على نفسه .

وأباح لباس الهميان للمحرم : محمد بن كعب ، وعطاء ، وطاوس ، ومحمد بن علي ، وإبراهيم ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والقاسم بن محمد - وكرهه آخرون .

وعن سعيد بن جبير أنه أباح للمحرم ينكسر ظفره : أن يجعل عليه مرارة ولم يأمر في ذلك بشيء .

ومن طريق سعيد بن منصور نا أبو الأحوص نا منصور عن إبراهيم ومجاهد قالا جميعا : يجبر المحرم عظمه إذا انكسر ، قالا : وليس عليه في ذلك كفارة .

ومن طريق سعيد بن منصور ثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد قال : إذا انكسرت يد المحرم ، أو شج عصب على الشج والكسر وعقد عليه ، ولم يجعل في ذلك شيئا .

وعن محمد بن علي ، وسعيد بن المسيب : لا بأس أن يعقد المحرم - : قال محمد : على القرحة .

وقال ابن المسيب : على الجرح .

وأباح أبو حنيفة ، والشافعي ، وأبو سليمان للمحرم : الهميان والمنطقة ، وأن يحمل الخرج على رأسه ، ونحو ذلك ، ولم يروا فيه بأسا .

وأباح مالك لباس المنطقة للمحرم إذا كانت فيها نفقته ، ومنعه لباسها إذا كانت فيها نفقة غيره .

وجعل ابن القاسم صاحبه في ذلك الفدية .

ومنع مالك من شد المنطقة على العضد للمحرم ، وأباح شدها على جلده ، ومنع من شدها فوق الإزار .

وجعل ابن القاسم صاحبه في ذلك فدية - فأقوال متناقضة لا دليل على صحة شيء منها ، ولا نعلم أحدا قال بها قبلهما .

ومنع مالك المحرم من حمل خرج لغيره على رأسه ، ورأى عليه في ذلك فدية ، وأباح له حمله على رأسه إذا كان له - وهذا فرق فاسد لا نعلمه أيضا عن أحد قبله . [ ص: 298 ]

وقد روي عن عطاء إباحة حمل المحرم المكتل على رأسه .

ومن طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي بن الحسين قال : رأى عمر على عبد الله بن جعفر ثوبين مضرجين وهو محرم فقال : ما هذا ؟ فقال علي بن أبي طالب : ما أخال أحدا يعلمنا السنة ؟ فسكت عمر .

وعن سالم بن عبد الله بن عمر أنه لبس ثوبا موردا وهو محرم .

فإن قيل : قد روي عن عمر أنه أنكر على طلحة لباس ثوب مصبوغ للمحرم ؟ قلنا : أنتم أول من خالف عمر في ذلك فلم تنكروه ؟ ولا رأيتم فيه شيئا - وهذا مما تركوا فيه القياس فأباحوا المصبغات ولم يقيسوها على الورس والمعصفر ، كما قاسوا كل من أماط به أذى على حالق رأسه ، وكما قاسوا جارح الصيد على قاتله ; وكما أوجبوها على من لبس قميصا أو عمامة .

التالي السابق


الخدمات العلمية