صفحة جزء
911 مسألة :

ولا يجوز تأخير الحج والعمرة عن أول أوقات الاستطاعة لهما ; فمن فعل ذلك فقد عصى وعليه أن يعتمر ويحج - وهو قول مالك ، وأبي سليمان - وقال الشافعي : هو في سعة إلى آخر عمره .

برهان صحة قولنا قول الله - عز وجل - : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم } وقال - تعالى - { : ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } ولا خلاف في أن هذا متوجه إلى كل مستطيع ; فلا يخلو المستطيع من أن يكون مفترضا عليه الحج أو لا يكون مفترضا عليه الحج ; فإن كان مفترضا عليه فهو مأمور به في عامه - وهو قولنا ، وهو إن لم يحج معطل فرض وإن كان ليس مفترضا عليه الحج فهذا خلاف القرآن .

وأيضا فإن كان مفسوحا له إلى آخر عمره فإنما تلحقه الملامة بعد الموت ، والملامة لا تلحق أحدا بعد الموت ، فصح أنه ملوم في حياته .

فإن احتجوا بأن النبي عليه السلام أقام بالمدينة عشر سنين لم يحج إلا في آخرها ؟ قلنا : لا بيان عندكم متى افترض الله - تعالى - الحج ، وممكن أن لا يكون افترض إلا عام حج عليه السلام ، وما لا نص بينا فيه فلا حجة فيه ، إلا أننا موقنون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع الأفضل إلا لعذر مانع ، ولا يختلفون معنا في أن التعجيل أفضل .

فإن ذكروا تأخير الصلاة إلى آخر وقتها . قلنا : هذا جاء به النص فأوجدونا نصا بينا في جواز تأخير الحج وهو قولكم حينئذ ، ولا سبيل إلى هذا - وبالله - تعالى - التوفيق .

912 - مسألة :

وإنما تراعى الاستطاعة بحيث لو خرج من المكان الذي حدثت له فيه الاستطاعة فيدرك الحج في وقته والعمرة ، فإن استطاع قبل ذلك العام كله وبطلت [ ص: 317 ] استطاعته في الوقت المذكور لم يكن مستطيعا ولا لزمه الحج ; لأنه لم يكلف العمرة والحج إلا في وقت الحج فيكون قارنا ، أو متمتعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية