صفحة جزء
وإذا باع الرجل على ابنه وهو كبير دارا أو متاعا من غير حاجة ولا عذر لم يجز ذلك عندنا وقال ابن أبي ليلى بيعه جائز لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أنت ومالك لأبيك } وقال عليه السلام { إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وإن ولده لمن كسبه فكلوا من كسب أولادكم } ففي الحديثين دليل على أن مال الولد مملوك للوالد بمنزلة مال نفسه فينفذ تصرفه ، ففي الحقيقة المسألة تنبني على هذا فإن عنده مال الولد في حكم المملوك للوالد ولهذا قال : له أن يطأ جارية ابنه إذا لم تكن محرمة عليه ، وعندنا لا ملك له في مال ولده ولا حق ملك لأن الكسب إنما يملك بملك الكاسب وليس له في ولده ملك فكذلك في كسب ولده والدليل عليه أن الولد مالك لكسبه حقيقة حتى ينفذ تصرفه فيه من الوطء وغير ذلك وينفذ فيه إعتاقه ، وإنما يخلف الكاسب غيره في الملك إذا لم يكن هو من أهل الملك .

فأما إذا كان هو من أهل حقيقة الملك لا يملك غيره الكسب على وجه الخلافة عنه ولا يملكه ابتداء لأن ثبوت الملك ابتداء يستدعي سببا له ولم يوجد ذلك وإنما كان يتصرف في حال ضره بولايته عليه نظرا للولد لأنه كان عاجزا عن التصرف والنظر وقد زال هذا المعنى ببلوغه فلهذا لا ينفذ تصرفه فيه .

( ألا ترى ) أن تصرفه في نفسه بالتزويج كان ينفذ قبل بلوغه لحاجته إلى ذلك ثم لا ينفذ بعد البلوغ لانعدام الحاجة فكذلك في ماله .

التالي السابق


الخدمات العلمية