صفحة جزء
وذكر محمد رحمه الله في الأصل حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن { النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في العشر الأوسط من رمضان فأتاه جبرائيل عليه السلام فقال : إن ما تطلبت وراءك فقال : عليه السلام من كان معتكفا معنا فليعد إلى معتكفه وإني أراني أسجد في ماء وطين فقال أبو سعيد : فمطرنا وكان عريش المسجد من جريد فوكف فو الذي بعثه بالحق لقد صلى بنا المغرب ليلة الحادي والعشرين وإني أرى جبهته وأرنبة أنفه في الماء والطين } وإنما أورد هذا الحديث لبيان ليلة القدر وفيه اختلاف بين الصحابة والعلماء بعدهم فأما أبو سعيد الخدري رضي الله عنه كان مذهبه أن ليلة القدر الحادي والعشرون لهذا الحديث ، ولم يأخذ به علماؤنا لما صح في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من فاته ثلاث ليال فقد فاته خير كثير ليلة التاسع عشر والحادي والعشرين وآخرها ليلة فقيل سوى ليلة القدر يا رسول الله فقال : سوى ليلة القدر } وليس في حديث أبي سعيد كبير حجة فإنه لم يقل أراني أسجد في ماء وطين في ليلة القدر وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : أنها ليلة الخامس والعشرين فإنه صح في الحديث { أن نزول القرآن كان لأربع وعشرين مضين من رمضان } . وقال الله تعالى : { إنا أنزلناه في ليلة القدر } والهاء كناية عن القرآن باتفاق المفسرين فإذا جمعت بين الآية والحديث تبين أنها ليلة الخامس والعشرين وأكثر الصحابة على أنها ليلة السابع والعشرين فقد ذكر عاصم عن زر بن حبيش قال : قلت لأبي بن كعب يا أبا المنذر أخبرني عن ليلة القدر فإن ابن مسعود كان يقول : من يقم الحول يدركها فقال : يرحم الله أبا عبد الرحمن قد كان يعلم أنها ليلة السابع والعشرين ولكنه أراد حث الناس على الجهد في جميع الحول قلت بم عرفت ذلك قال بالعلامة التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتبرناها فوجدناها قلت وما تلك [ ص: 128 ] العلامة قال : تطلع الشمس من صبيحتها كأنها طست لا شعاع لها وكان ابن عباس رضي الله عنه يقول : إنها ليلة السابع والعشرين فقيل : له ومن أين تقول : ذلك قال : لأن سورة القدر ثلاثون كلمة وقوله هي الكلمة السابعة والعشرون وفيها إشارة إلى ليلة القدر .

التالي السابق


الخدمات العلمية