صفحة جزء
قال ( وكذلك إن مس ذكره بعد الوضوء فلا وضوء عليه ، وهذا عندنا ) ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى إذا مس بباطن كفه من غير حائل فعليه الوضوء ، والرجل ، والمرأة في مس الفرج سواء عنده لحديث بسرة بنت صفوان رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من مس ذكره فليتوضأ } ، وسئلت عائشة رضي الله تعالى عنها عن امرأة مست فرجها فقالت : إن كانت ترى ماء هنالك فلتتوضأ ، ولأن مس الذكر سبب لاستطلاق وكاء المذي فيجعل به كالممذي كما أن التقاء الختانين لما كان سببا لاستطلاق وكاء المني جعل به كالممني ، وإقامة السبب الظاهر مقام المعنى الخفي أصل في الشرع .

( ولنا ) حديث { قيس بن طلق عن أبيه طلق بن علي أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن مس ذكره هل عليه أن يتوضأ فقال لا هل هو إلا بضعة منك ، أو قال جذوة منك } .

وعن جماعة من الصحابة منهم عمر وعلي وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم مثل قولنا حتى قال بعضهم إن كان شيء منك نجسا فاقطعه ( وقال ) بعضهم ما أبالي أمسسته أم أنفي ، وهو المعنى فإنه عضو من أعضائه فإما أن يكون طاهرا ، أو نجسا ، وليس في مس شيء من الطاهرات ، ولا من النجاسات وضوء ، ولو مس ما يخرج منه لم ينتقض به وضوءه ، وإقامة السبب الظاهر مقام المعنى الخفي عند تعذر الوقوف على الخفي ، وذلك غير موجود هنا فإن المذي يرى ، ويشاهد ، وهو فاسد على أصله فإن من مس ذكره غيره عنده يجب الوضوء على الماس دون الممسوس ذكره ، واستطلاق وكاء المذي هنا ينبغي في حق الممسوس ذكره ، وحديث بسرة لا يكاد يصح فقد قال يحيى بن معين ثلاث لا يصح فيهن حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها هذا ، وما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا بين يدي كبار الصحابة حتى لم ينقله أحد منهم ، وإنما قاله بين يدي بسرة ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها ، ولو ثبت فتأويله : من بال ، فجعل مس الذكر عن البول ; لأن من يبول يمس ذكره عادة كقوله تعالى { ، أو جاء أحد منكم من الغائط } ، والغائط هو المطمئن من الأرض كنى به عن الحدث ; لأنه يكون في [ ص: 67 ] مثل هذه المواضع عادة ، أو المراد بالوضوء غسل اليد استحبابا كما في قوله صلى الله عليه وسلم { الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر ، وبعده ينفي اللمم } ، والمراد منه غسل اليد ( قال ) ، وكذلك إذا نظر إلى فرج امرأة لقول ابن عباس رضي الله عنهما الوضوء مما خرج ، وبمجرد النظر لا يخرج منه شيء فهو ، والتفكير سواء . .

التالي السابق


الخدمات العلمية