صفحة جزء
( قال ) ومن وقف بعرفة قبل الزوال لم يجزه ، ومن وقف بعد زوال الشمس أو ليلة النحر قبل انشقاق الفجر أو مر بها مجتازا ، وهو يعرفها أو لا يعرفها أجزأه فالحاصل أن ابتداء وقت الوقوف بعد زوال عندنا ، وقال مالك رحمه الله تعالى من طلوع الشمس ; لأن هذا اليوم مسمى بأنه يوم عرفة فإنما يصير اليوم مطلقا من وقت طلوع الفجر فتبين أن وقت الوقوف من ذلك الوقت ، واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم { الحج عرفة فمن وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه } . والنهار اسم للوقت من طلوع الشمس سمي نهارا لجريان الشمس فيه كالنهر يسمى نهرا لجريان الماء فيه ، وحجتنا في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما وقف بعد الزوال فكان مبينا وقت الوقوف بفعله فدل أن ابتداء الوقوف بعد الزوال ، والدليل عليه ما روينا من حديث ابن عمر رضي الله عنه أنه قال للحجاج بعد الزوال إن أردت السنة فالساعة ، ولا يبعد أن يسمى اليوم بهذا الاسم ، وإن كان وقت الوقوف بعد الزوال كيوم الجمعة صار وقتا لأداء الجمعة بعد الزوال مع أن اليوم مسمى بهذا الاسم ثم الأصل فيما قلنا حديث عروة بن مضرس بن أوس الطائي رحمه الله تعالى { أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبيحة الجمع ، وهو بالمشعر الحرام فقال أكللت راحلتي ، وأجهدت نفسي وما مررت بجبل من الجبال إلا وقفت عليه فهل لي من حج ؟ فقال صلى الله عليه وسلم من وقف معنا هذا الموقف وصلى معنا هذه الصلاة ، وقد كان أفاض قبل ذلك من عرفات ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه }

التالي السابق


الخدمات العلمية